الأصل فيه أنه علق عتق عبده بشرطين إصابته وظاهره فان وجد أعتق العبد، وأن وجد أحدهما لم يعتق، كما لو قال: إن دخلت الدار وأكلت الخبز فأنت حر لا يعتق ما لم يدخل الدار ويأكل الخبز جميعا، وإذا وجد الشرطان عتق العبد بعدم الظاهر على الإصابة أو الإصابة على الظهار وعلى كل حال فبهذا القدر من القول لا يكون موليا لأنه يمكنه النية من غير ضرر، فان العتق لا يقع بوجود أحد الشرطين ثم ينظر، فان لم يصبها ولم يظاهر فلا كلام، وان فعل ذلك لا يخلو أما أن يقدم الإصابة أو الظهار فان قدم الإصابة خرج من الايلاء وله الإصابة بعد هذا متى شاء من غير ضرر عليه فيه لأن عتق عبده بعد الإصابة يكون شيء أخر وهو الظهار، فان تظاهرت بعد ذلك عتق العبد لوجود الصفتين ولا خلاف بين أصحابنا أنه لا يجزيه عن الظهار، واختلفوا في تعليله فقال ابن أبى هريرة: إنما لم يجز لأنه يقع العتق بالحنث فلا يجوز عن شيئين حنث وظهار، وقال أبو إسحاق [٩٩ / ب] وغيره: إنما لم يجز لأن إيقاع العتق تقدم الظهار وإنما يجوز العتق عن الظهار إذا كان الإيقاع متأخرا عن الظهار وهذا أصح.
وقد نص الشافعي في نظير هذه المسألة على مثل هذا التعليل فقال: ولو قال لعبده: أنت حر الساعة عن طهارى أن تظاهرت كان حرا في الحال ولم يجزه أن تظهر لأنه لم يكن بظهار ولم يكن سبب منه ولم يقل أن العتق وقع بالحنث هذا إذا قدم الإصابة فان قدم الظهار أولا لم يعتق العبد ولكنه صار الآن على صفة قد منع نفسه من جماعه بعد التربص إلا بضرر وهو عتق العبد فهل يكون موليا أم لا؟ على القولين لأنها يمين بغير الله تعالى، فإذا قلنا: صار موليا تربص أربعة أشهر، فإذا مضت طولب بالنية، فان فاء عتق العبد بوجود الصفة ولم يجزه عن الظهار قولا واحدا لما ذكرنا من التعليلين، فأما إذا تظاهر منها أولا لذمته الكفارة، ثم قال: أن قربتك فغلامي هذا حر عن طهارى صار موليا في الحال، فإذا انقضت أربعة أشهر طولب فان طلق فلا تفريع عليه، وان وطئ فقد عتق العبد ويجزيه عن الظهار على قول أبي إسحاق لأنه إعتاق متأخر عن الظهار، ولا يجزيه على قول ابن أبي هريرة لأنه عتق وقع بالحنث، فان قيل: فعلى قول أبي إسحاق ينبغي إن لا يكون موليا لأنه لا ضرر عليه بعتق هذا العبد فأنه متى عتق وقع عن كفارته قيل: يكون موليا على قوله أيضا، لأنه وان عتق عن ظهاره فقد لحقه الضرر لأن العبد تعين فيه وقد يكون أعلى ثمنا من عبد يجزئه في الكفارة وقد يكون فيه معاني يستضر بعتقه لها لثقته وأمانته وطاعته له فلا يترك ينفك عن الضرر وكان موليا. [١٠٠ / أ]
مسألة: قال: " ولو قال: إن قربتك فلله على أن أعتق فلانا عن ظهارى وهو مظاهر لم يكن موليا ".