إذا تظاهر منها ثم قال: إن قربتك فعليَّ أن أعتق هذا العبد عن ظهاري نقل المزني: أنه لا يكون موليًا وليس عليه أن يعتق عبده وعليه كفارة يمين وغلط في النقل لأن الشافعي ذكر هذه المسألة في "الأم" و"الإملاء" وقال فيهما: يكون موليًا لأنه إذا وطئها إما أن يلزمه عتقه أو ينتقل إلى كفارة يمين، وإذا خشي في الوطي لزوم الغرم كان موليًا فإذا ثبت هذا ووطئها فهو بالخيار إن شاء أعتقه، وإن شاء كفر كفارة اليمين، لأنه نذر اللجاج فإن أعتقه عند أبي إسحاق يجزئه عن ظهاره وعند ابن أبي هريرة لا يجزئه عن ظهاره على ما ذكرنا، وإن كفر أولاً كفارة اليمين بقي العيد خالصًا يجوز عقه عن الظهار قولاً واحدًا.
واعلم أن المزني نقل وعليه كفارة يمين وهذا مشكل لأنه أوهم تعيين الكفارة، ولو حملناه على هذا كان جوابًا على القول المنصوص في كتاب الأيمان لا على قول التنجيز بين الوفاء والكفارة المنصوص في كتاب الإيلاء قبل هذه المسألة في قوله إن قربتك فعليَّ صوم هذا الشهر ويبعد أن يجب في الباب الواحد بمثل هذين القولين المختلفين، وإزالة هذا الإشكال بأن يقال معنى قوله وعليه فيه كفارة اليمين إن شاء، وإذا اعتق العبد سقطت عنه الكفارة، ألا تراه قال: وليس عليه أن يعتق فلانًا ولو كان جوابًا عليَّ بعين الكفارة لكان يقول ولا يجزئه أن يعتق فلاناً عن كفارة اليمين.
ومن أصحابنا من تعصب للمزني، وقال هذا النقل صحيح وإنما نقله عن القديم إنه لا يكون موليًا [١٠٠/ب] بغير اليمين بالله تعالى وهذا ليس بشيء لأن الشافعي لم يذكر هذه المسألة في "القديم" أصلاً، فإذا تقرر هذا اختار المزني أنه لا يكون موليًا ولا يلزمه عتقه ولا يلزمه كفارة اليمين أيضًا، وبه قال أبو حنييفة واحتج بأن تعيين العتق الواجب في عبدٍ بعينه لا يلزم، وإذا لم يلزم لا يجب كفارة اليمين كما لو قال: لله عليَّ أن أصوم يوم الخميس عن الصوم الذي عليَّ لم يكن عليه صوم يوم الخميس وأي يوم صامه جاز ولا معنى لهذا النذر حتى يلزمه كفارة كذلك هاهنا، وكذلك لو عين للصلاة الواجبة عليه وقتًا أو عين دراهم الصدقة الواجبة عليه من الدراهم لا يلزم ذلك بعينه، والجواب: أن الصوم إذا كان في الذمة لا يمكن تعليقه بالعين لأنه لا حق لعين اليوم فيه وللعبد حق في العتق فجاز أن يتعين فيه بتعيينه، وأيضًا تعلق العتق بعين العبد أكد من تعلق الصوم بعين اليوم، ألا ترى أنه إذا قال: لله عليَّ أن أصوم يوم كذا، وفات ذلك اليوم صام في غيره، ولو عين العتق في عبدٍ بعينه فمات العبد لا يلزمه أن يعتق غيره ومن هذا قيل: إذا قال: لله عليَّ أن أعتق هذا عن الواجب عليَّ يتعين، ولو قال: لله عليَّ أن أفرق ذكاتي على هؤلاء الفقراء يتعين، ذكره القاضي الحسين.
مسألة: قال: "ولو آلي ثم قال لأخرى: قد أِشركتك معها في الإيلاء لم تكن شريكتها".