للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مضي مدة التربص، فإذا مضت المدة كان لها المطالبة مع وجود المنع من الوطئ؛ لأنه معنى من جهته لا من جهتها أيضا، وهو يمكنه إزالة المانع بالتفكير إن كان قادرًا على الكفارة فلم تسقط عنه المطالبة. فإذا تقرر هذا فالوجه أن يصبر حتى يزول العذر ثم طالبه في الحال، ولا يلزمه قبل زوال المانع فيه المعذور باللسان إن كان المانع من جهتها. وقيل: وجه أنه يستأنف المدة بعد زوال العذر وليس بشيء، وإن كانت هذه الأعذار موجودة عند عقد اليمين، فإن كانت موجودة فيها مثل حبسها بحق أو غير حق، أو مرض أو صغر أو نشوز أو جنون بحنث لا يصل إليها منعت أنشأ ضرب المدة؛ لأن مدة الإيلاء هي المدة التي يكون الزوج فيها ممتنعًا من ووطئها فيها باليمين، هاهنا مع هذه الأعذار فيها لا يوصف بأنه يمتنع، وهذا نظر دالاً في الحيض وحده، فإنه يحتسب عليه زمان الحيض من المد؛ لأن الحيض يكثر ويوجد كل شهر، فلو لم يحتسب بزمانه من المدة لم يكن يحصل المدة بوجه. فإن قيل: أليس [١١٥/ب] الحيض يسقط مطالبتها فلا تسقط المدة؟ قلنا: لأنا لو أسقطنا المدة لم تكن تحصل مدة الإيلاء، وليس كذلك المطالبة، فإنا إذا أسقطناها في الحال طالبت به إذا زال الحيض، ولا يؤدي إلى إسقاط الحق رأسًا، فدل على الفرق بينهما وأما النفاس: قال القفال وجماعة: هي كالحيض؛ لأنها عادة في المرأة كالحيض، ولهذا سوّى بينهما في أنهما لا يقطعان التتابع في صوم شهرين متتابعين.

وقال بعض أصحابنا وهذا صحيح: مدة النفاس قاطعة لمدة التربص بخلاف الحيض؛ لأن الحيض غالب والنفاس نادر. وأما إحرامها: يمنع الاحتساب على ما نص عليه. وقوله: "إذا لم يأمرها بإحلال" يدل على أنها إذا أحرمت بغير إذن الزوج له تحليلها وهو أحد القولين، والأمر بالإحلال لا يجب عليه؛ يترك بذلك حق نفسه. وقال بعض أصحابنا: إحرامها كالحيض والنفاس؛ لأن هذه العوارض تعرض في العادة، وقلما تخلو المرأة عن شيء منها في بعض أوقاتها، وهذا غلط لما ذكرنا وليس بشيء. وقيل: إذا أمكن في الابتداء ثم عرض لا يؤثر.

فإذا تقرر هذا فكل هذه الأعذار التي تمنع بضرب المدة إذا طرأت في أثناء المدة قطعت استدامتها، وإذا زالت استؤنفت المدة أربعة أشهر ولا شيء على ما مضى منها؛ لأن من شأنها أن تكون متتابعة في المدة، ذكره صاحب "التقريب" كصوم شهرين في كفارة الجماع في رمضان والظهار. هكذا ذكره جميع أهل العراق. وقال القفال: فيه وجهان: أصحهما: أنه ينبغي على ما مضت من المدة؛ لأن المانع عدم التمكين من غير خلل في الملك وقد زال، وكما لو انقطعت المدة بوطئ شبهة ثم فرق بينهما وبين الوطئ بشبهة بنت على المدة الأولى. [١١٦/أ] والثاني: تستأنف وهذا غريب. هذا كله في المانع من جهتها. وأما إذا كان المانع من جهته مثل الحبس بحق أو بغير حق، أو المرض، أو الإحرام أو الصوم، أو العنة احتسب بزمانه عليه من مدة التربص.

<<  <  ج: ص:  >  >>