للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفرق أنها حادثة في الفرقة في هاتين الحالتين غير ممسك لها إمساك الزوجات فلم تحتسب عليه بتلك المدة بخلاف مسألتنا. ثم اعلم أن المزني نقل عن الشافعي أنه إذا آلي منها فحبس استؤنفت أربعة أشهر، ثم اعترض عليه فقال: الحبس والمرض عندي سواء؛ لأنه ممنوع بهما، وإذا حسب عليه في المرض وهو يعجز عن الجماع بكل حال فلأن يحتسب زمان الحبس ويمكنه أن تأتيه في حسبه فيصيها أولي. قلنا له: حكم الحبس كما ذكرت، والغلط وقع في النقل، لأن الشافعي قال في "الأم": وإذا آلي فحسبت استؤنفت أربعة أشهر" فسقط التاء عن الناقل فبطل اعتراض المزني، وهذا يدل على بطلان ما ذكره القفال من الوجه أنه إذا زال العذر يبني على المدة فإنه نص ها هنا على أنه يستأنف المدة، ونص هذا الوجه قال: يمكن تأويل بأنها حبست عقيب الإيلاء لا بعده بزمان وهذا يفيد. ثم إذا مضت المدة والحبس والمرض باقٍ قلنا له: فيء بلسانك فيء معذور، إلا أن يكون محبوسًا بحق فنقول له: لا نقبل منك فيء المعذور وأنت تقدر على الخروج منه، فإن لم يفعل طلق الحاكم عليه في أصح القولين.

مسألة: قال: "وقال في موضعين: لو كان بينه وبينها مسيرة أشهر فطلبه وكيلها بما يلزمه لها أمرناه أن يفيء بلسانه".

إذا آلي منها وهو غائب عنها صح الإيلاء في نكاح تام وتضرب له المدة؛ لأن المانع من جهته، ولو آلي منها ثم غاب عنها فمضت أربعة أشهر فوكلت المرأة [١١٦/ب] وكيل في مطالبته صح التوكيل، فإذا فاء بلسانه وأخذ في المسير مع الإمكان أو في نقلها إليه قبل منه، وإن امتنع من ذلك طلق عليه الحاكم في أصح القولين، وإذا قال: أنا أريد أن أقعد في هذا البلد كان عليها المسير إليه ولا يجوز مطالبته بالمسير إليها، وإن كان الطريق مخوفًا كان معذورًا، فإن تمكن فعل ذلك. ولو لم يحملها ولم يسر إليها مع الإمكان ومضت مدة لو سار فيها لوصل إليها يطلق عليه، ولا يلتفت إلى قوله بعد ذلك: الآن أسير إليها هكذا ذكر القفال. وكلام أصحابنا يدل على أنه لا يشترط مدة الشهر، وعليه بعد مضي المدة أن يفيء باللسان في الحال ثم يأخذ في القدوم أو نقلها، فإن لم يفيء بلسانه فيء معذور ولم يأخذ في الجماع إما بالقدوم أو بالاستدامة لم تتم الفيئة، وطلق عليها ذلك الحاكم أيضًا وهذا أصح، وإنما يلزم المسير حسب الإمكان في العرف والعادة وانتظار الرفقة، والسير مرحلة مرحلة لئلا يؤدي إلى الإضرار به ولا بها.

مسألة: قال: "ولو غلب على عقله لم يوقف".

إذا مضت المدة وهو مغلوب على عقله سقطت المطالبة؛ لأن المجنون لا تصح مطالبته، فإن عقل طولب في الحال؛ لأن المنع في المدة كان بسبب منه. قال المزني:

<<  <  ج: ص:  >  >>