إذا أراد وطئها هل لها أن تمنع؟ وجهان: أحدهما: ليس لها ذلك بخلاف الوطئ في الحيض؛ لأن تحريم ذلك من حقها وتحريمه بالظهار في حقه وحده، ويسقط حقها من المطالبة بهذا الامتناع؛ لأن الممتنع ممنوع من المطالبة كالديون المبذولة ليس لصاحب الدين الامتناع من أحدها لعلمه أنها مغصوبة، وهذا اختيار أبي حامد وجماعة، ولم يذكر صاحب "الحاوي" سوى هذا. وحكي عن أبي حامد أنه إذا كان صائمًا أو محرمًا فدعاها ليس لها الامتناع وجهًا واحدًا: وهذا غريب. فإن قيل: أليس لو جاءها بنفقة مغصوبة لها أن تمتنع من غصبها فكذلك هذا؛ لأن كل واحد منهما حرام؟ قيل: الفرق أن النفقة المغصوبة لا تسلم لها بل تنزع من يدها، وليس كذلك لو وطئ، فإن الحرام والحلال سواء في توفية الحق.
والوجه الثاني: لها أن تمتنع منه، وهو اختيار القاضي الطبري وجماعة، وهو صحيح عندي؛ لأنه وطئ محرم فكان لها الامتناع منه كوطئ الرجعية، ويخالف الدين فإنه يدعى أنه مغصوب [١١٨/أ] ومن عليه الدين يدعى أنه ماله، والظاهر معه فإن اليد تدل على الملك، وهذا الوطئ متفقان على تحريمه، والسبب الذي يحرمها عليه يحرمه عليها ونظره من المال أن يتفقا على أنه مغصوب ولا يجبر صاحب الدين على أخذه، فإن قلنا بهذا أجبر الزوج على الطلاق لأنه مخير بين الفيئة والطلاق، فإذا تعذرت الفيئة تعيق الطلاق. ومن أصحابنا من ذكر وجهًا آخر أنه لا يتعين عليه الطلاق ويفيئ فيئ معذور حتى يقدر على الكفارة والأول أصح وهو المذهب. وهكذا الخلاف إذا أحرم ثم أراد وطئها هل لها أن تمتنع أم لا؟
فرع آخر
لو كان المظاهر مالكًا للرقبة لم ينظر في عتقها؛ لأنه يقدر على تعجيله، فإن لم يكن مالكًا للرقبة أنظر لابتياعها، وهل يبلغ بإنظاره ثلاثًا؟ قولان. وذكر أبو إسحاق هاهنا: أنظر به يومين وثلاثة؛ لأنه يسير. وكذلك في الإطعام إذا أراد أن يكفر بها بمثل قدر الحاجة.
مسألة: قال: "ولو قالت: لم يصبني وقال: قد أصبتها، فإن كانت ثيبًأ فالقول قوله مع يمينه".
الفصل
إذا اختلفنا في الإصابة، فإن كانت ثيبًا فالقول قوله مع يمينه، ولكن يقبل ببينة أيضًا لو أقامها؛ لأنه يتصور بصورة المدعي، فهو كالمودع إذا ادعى رد الوديعة أو تلقها يقبل قوله مع يمينه وتقبل بينة أيضًا. وإن ادعت أنها بكر أرى أربع نسوة، فإن قلن: إنها يثب