فإن القول قوله مع يمينه، وإن قلن: إنها بكر فالقول قولها مع يمينها. مظاهر كلام الشافعي أنها تحلف سواء ادعى الزوج عليها عود البكارة أو لم يدع. قال المزني: إنما أحلفها لأنه لا يمكن أن يكون لم يبالغ في الوطئ فرجعت العذرة بحالها. فمن أصحابنا من أخذ بظاهره، ومنهم من قالك إذا لم يدع الزوج عود العذرة لا يحلف؛ لأنا قد علمنا كذبه [١١٨/ب] وإنما يحلفها إذا أدعي عودها فتكون دعوى مستأنفة ويكون قولها مع يمينها. فإن قيل: الأصل عدم الوطئ فلم قلتم القول قوله في الوطئ إذا كانت ثيبًأ؟ قيل: هذا الأصل غير محقق ويجوز غيره، والنكاح محقق فكان المحقق أولى من غيره، والمحقق مع قوله. قال ابن الحداد: لو كانت هذه المرأة غير مدخول بها وادعي الوطئ وحلفناه، ثم طلقها وأراد أن يراجعها فامتنعت وأنكرت الوطئ كان القول قولها مع يمينها، فإذا حلفت لم يثبت له الرجعة عليها؛ لأنا أثبتنا الوطئ بيمينه في حكم الإيلاء، فأما إثبات الرجعة لا يمكن بيمينه ويسقط عنها بيمينها.
مسألة: قال: "ولو ارتدا أو أحدهما في الأربعة الأشهر أو خالعها ثم راجعها، أو راجع من ارتد منهما في العدة استأنف في هذه الحالات كلها أربعة أشهر من يوم حل له الفرج".
قدمنا إن هذه الردة لا تحسب عليه، فإن رجع إلى الإسلام يستأنف المدة كما لو راجع الرجعية، فإن لم يرجع إلى الإسلام حتى انقضت العدة انفسخ النكاح، فإن تزوجها بعدة هل يعود الإيلاء فهذا فسخ وقع فيه هل يكون كالبينونة بالثلاث أو دون الثلاث؟ قد ذكرنا فيما تقدم. وهكذا لو آلي منها ثم خالفها وقلنا: الخلع فسخ ثم تزوجها فهو كالفسخ بالرد سواء. قال الشافعي:"ولا يشبه هذا الباب الأول؛ لأنها في هذا الباب كانت محرمة كالأجنبية الشعر والنظر والحيض في تلك الأحوال لم تكن محرمة بشيء غير الجماع". وأراد أن بالحيض والإحرام لا تنقطع المدة كما تنقطع بالارتداد لهذا الفرق، والتحقت في حالة الارتداد والخلع بالأجنبيات شعرًا نظرًا وحسًا فاستأنفنا [١١٨/ب] المدة. ثم أن المزني اختار لنفسه الفرق بين الارتداد والخلع فأوجب إسقاط المدة في الخلع دون الارتداد وقال: القياس عندي أن ما حل له بالقعد الأول فحكم حكم امرأته والإيلاء يلزمه لمعناه فأما من لم يحل له بعقده الأول حتى يحدث نكاحًا يعني الخلع فحكم حكم من آلي ثم تزوج فلا حكم للإيلاء في معناه وهذا إشارة إلى اختيار من القولين في عود اليمين وقد اختاروا أن لا تعود فلذلك أسقط الإيلاء بالخلع كل الإسقاط ولم يقطع المدة بعارض الارتداد يقال له إذا اعترض الارتداد ثم جمعها الإسلام فتحريمها عليه في حالة الارتداد كان كتحريم الأجنبية ولم يحل له منها في تلك الحالة شيء مما يستباح بالنكاح فكيف لا تنقطع المدة والحالة وبهذه الصفة.