بعضو من أمه، كأنه قال: رأسك عليَّ كرأس أمي أو كفرج أمي أو كيد أمي. وبه قال مالك وأحمد، ومن أصحابنا من قال فيه قول آخر في "القديم" أنه لا ظهار إلا أن يقول: أنت عليَّ كظهر أمي؛ لأن هذا اللفظ هو المعهود في الجاهلية، وكان طلاقًا فغير الله حكمه، فعلى هذا حصول قولين، وقيل: لم يقل [١٣١/ أ] الشافعي في القديم أكثر من أن الظهار الذي ورده القرآن: أنت عليَّ كظهر أمي، فإن قال: أنت عليَّ كظهر امرأة محرمة سوى الأم فيه قولان؛ فقال أصحابنا: فهذا يدل على أن في مسألتنا أيضًا قولين، ونص في القديم على أنه لو قال لها: رأسك أو بطنك أو فرجك أو رجلك عليَّ كظهر أمي كان ظهارًا، وليس كما لو شبهها بغير الأم في قول؛ لأن الأم أغلظ المحرمات والأعضاء كلها في الحرمة سواء، فعلى هذا المسألة على قول واحد. وقال أبو إسحاق: فيه وجه ثالث: ما كان من أعضاء الأم مخصوصًا بالكرامة والتعظيم كالرأس والثدي لم يكن مظاهرًا في التشبيه به، وفي غير ذلك يكون مظاهرًا، فإذا قلنا بهذا هل يكون كناية في الظهار حتى يصير مظاهرًا بالنية؟ فيه وجهان: أحدهما: وهو ظاهر قول أبي إسحاق يكون كناية؛ لأن النية كالعرف. والثاني: وهو ظاهر قول أبي هريرة، لا يكون كناية ولا يكون ظهارًا، وإن نواه كما لا يكون التشبيه بغير أمه كناية ولا يكون ظهارًا، وإن نواه تعليلًا بالعرف. وقال أبو حنيفة: إن شبهها بعضو يحرم النظر إليه من الأم كالفرج والفخذ ونحو ذلك كان متظاهرًا، وإن كان لا يحرم النظر إليه من الأم كالرأس والوجه لم يكن متظاهرًا، وقال: لو شبه يدها بيدها أو يدها بجملتها لا يكون ظهارًا، كما قال في الطلاق، وهذا غلط؛ لأنه شبه زوجته بعضو من أمه فكان مظاهرًا كما لو شبهها بظهرها.
فرع
لو قال: إنت علي كنفس أمي فيه وجهان؛ أحدهما: يكون صريحًا في الظهار؛ لنه يعبر به عن الذات كالبدن. والثاني: يكون كناية ولا يصير ظهارًا إلا بالنية؛ [١٣١/ ب] لأنه يحتمل أن يريد به الكرامة والتعظيم.
فرع آخر
لو قال: أنت عليَّ كزوج أمي فيه ثلاث أوجه: أحدهما: يكون صريحًا في الظهار كالبدن؛ لأن البدن لا يقوم إلا بالروح ولا يستمتع بالبدن إلا مع الروح لجري ذلك مجرى تشبيهها بالبدن، وهو اختيار الداركي. والثاني: أنه كناية لما فيه من الاحتمال. والثالث: لا يكون صريحًا ولا كناية؛ لأن الروح ليست من الأعيان المرئية التي يتعلق بها حظرًا وإباحة، وهو اختيار ابن أبي هريرة.
فرع آخر
لو قال: ما فِي بطنكِ عليَّ كظهرِ أميِّ كانَ مظاهرًا. ولو قال: حملكِ هكذا لم يكن مظاهرًا.