للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألة: قال: "ولو قال: أنْتِ عليّ كَأُمي أو مِثل أُمِّي".

الفصل

إذا قال: أنت علي كأمي أو مثل أمي أو أنت أمي، فإن أراد في الكرامة والتوقير الشفعة فلا ظهار، وإن أراد في التحريم كان ظهارًا، وإن أطلق لا يكون شيئًا، لأنه كلام يحتمل، وبه قال أبو حنيفة. وقال القفال: وعلى هذا لو قال: أنت علي كعين أبي أو روح أمي أو كرأس أمي، وقال: أردت به الكرامة قُبل، لأن تقديره أنت أعز علي من عين أمي. وقال مالك، وأحمد، ومحمد بن الحسين: يكون مظاهرًا بما ذكرنا ولا يقبل منه أنه أراد به الكرامة، واحتجوا بأنه شبه امرأته بأمه فأشبه إذا شبهها بعضو من أعضائها وهذا غلط، لأن هذا اللفظ يستعمل في الكرامة أكثر مما يستعمل في التحريم ولا يحمل على التحريم إلا بالنية ويخالف الأصل، لأنه لا يستعمل من الكرامة، ولا يقبل منه إذا قال: أردت الكرامة.

مسألة: قال: "ولو قال: أنتِ عليَّ كظهرِ امرأةِ محرمةِ من نسبِ أو رضاعِ".

لم يرد به أن لفظ الظهار هكذا ولكن أراد [١٣٢/ أ] أن يشبهها بامرأة محرمة عليه من نسب أو رضاع كان كالتشبيه بالأم، وجملته أن النساء المحرمات على ثلاثة أضرب: ضرب يصير به مظاهرًا كالأم، وكذا الجدة من قبل الأب أو من قبل الأم؛ لأنها في معنى الأم اسمًا وحالًا وتحريمًا. وإذا شبهها بالجدة هل يكون مظاهرًا بالنص أو بالقياس على النص؟ وجهان؛ أحدهما: النص لأن الجدة تسمى أمًا. والثاني: بالقياس على النص لما فيها من الولادة. وضرب لا يصير به مظاهرًا، وهو كل امرأة كانت حلالًا له ثم حرمت عليه، ثم حليلة ابنه، وامرأة أبيه التي تزوج بها بعد ولادته، والصبية التي كانت حلالًا ثم أرضعت فحرمت عليه، والمطلقة ثلاثًا، وأخت زوجته أو عمتها أو خالتها، وهؤلاء غير محرمة على التأبيد، ولو شبهها بالملاعنة لم يكن مظاهرًا وإن كانت محرمة على التأبيد لأنها لم تحرم بوصله بينه وبينها، بل حرمت بفرقة موصوفة، ولأنها كانت حلالًا له في وقت.

وقال مالك وأحمد: يكون به مظاهرًا؛ لأنه شبه امرأته بمن لا تحل له على التأبيد، كما لو شبهها بالمحرمة وهذا غلط؛ لأن هذه المرأة كانت حلالًا، فإذا شبه زوجته بها احتمل أنه أراد الحالة التي كانت حلالًا له فيها فلم يكن مظاهرًا، كما لو شبهها بالأجنبية. وقال بعض أصحاب مالك: إذا شبهها بظهر الأجنبية كان مظاهرًا أيضًا، وإن شبهها بغير الظهر، فمنهم من يقول هو ظهار، ومنهم من يقول هو طلاق، وهذا غلط لأنها غير محرمة على التأبيد، فأشبه إذا شبهها بالمحرمة من زوجاته. وأما الطلاق فلا وجه له إلا أن ينويه فإنه كفاية، واحتج بأنه شبه فرجًا محللًا له بفرج محرم عليه، كما

<<  <  ج: ص:  >  >>