لو شبهها المحرمة، والجواب عنه الفرق بعلتنا. وضرب فيه قولان، وهو كل امرأة لم تزل محرمة عليه على التأبيد بالوصلة كذوات المحارم غير الأم من امرأة أبيه التي تزوج بها [١٣٢/ ب] قبل الولادة، أو أخيه من الرضاعة التي أرضعت قبل ولادته، والعمة، والخالة، والابنة وغيرها. قال الشافعي في "الجديد": يصير مظاهرًا به وهو الصحيح، واختاره المزني؛ لأنه شبه زوجته بامرأة لم تحل له بحال الوصلة، فأشبه إذا شبهها بالأم. وقال في "القديم": لا يصير به مظاهرًا؛ لأن لله تعالى نص على الأمهات، وهن الأصل في التحريم، وغيرهن فرع لهن ودونهن، فلا يحق بهن في حكم الظهار، وهذا لا يصح؛ لأن الله تعالى لما ذكر الظهار بين أنه قول منكر وزور، وهذا موجود في مسألتنا، فتعلق به الحكم، كما لو شبهها بالأم، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب"، فألحق الرضاع بالنسب. ومن أصحابنا من قال: في الأخت من الرضاعة التي كانت حلالًا له قول آخر؛ أنه يصير بالتشبيه بها مظاهرًا؛ لأن المزني ذكر الأخت من الرضاعة وأطلق، ثم حكي قولًا آخر، فقال: وحفظي وحفظ غيري عنه أنه قال: لا يكون مظاهرًا ممن كان حلالًا له في حال ثم حرمت، فحصل قولين، وهذا غير صحيح، وكان من حق المزني أن لا يطلق الجواب في الأول، بل كان ينبغي له أن يقسم حال الأخت من الرضاعة؛ لأنها ربما تكون حلالًا ثم تصير حرامًا، وربما تكون حرامًا ابتداءً وانتهاءً على ما ذكرنا، والمسألة على قولٍ واحدٍ في التي كانت حلالًا مرة أنه لا يصير مظاهرًا. ومن أصحابنا من قال في الجدة قول آخر لا يصير مظاهرًا؛ لأنها ليست بأم حقيقية وهذا ليس بشيء. وذكر الإمام الجويني صاحب "المنهاج" عن بعض أصحابنا أنه لو شبهها بظهر امرأة أبيه لا يكون مظاهرًا بحالٍ، وإن لم تزل محرمة عليه بأن سبق عقدها ميلاده؛ لأنها محرمة عليه بالمصاهرة، والثاني اقتصر على ذكر النسب والرضاع دون المصاهرة، وهذا غريب. [١٣٣/ أ].
فرع
لو قال: أنت عليَّ كظهر أبي، أو منك أبي، أو كأبي لا يكون مظاهرًا. وقال أبو القاسم: إذا شبهها بظهر أبيه أو غلامه كان مظاهرًا. وقال أحمد في رواية: إذا شبهها بالمحرمين من الرجال كان مظاهرًا؛ لأنه شبهها بظهر ذي محرم منه كالأم، وهذا غلط؛ لأنه لا مدخل له في الاستمتاع، فأشبه إذا شبهها بالبهيمة.
فرع آخر
لو قال: أنت كظهر أبي وأمي كان مظاهرًا. ولو قال: كظهر أبي أو كظهر أمي وعاد باللسان، ومنع من الوطئ حتى يكفر.