قولين، فإن أراد الطلاق بقوله: أنت عليَّ حرام صح. ثم الكلام في قوله: كظهر أمي على ما مضى في المسألة قبلها. وإن أراد الطلاق بقوله: كظهر أمي فهو ظهار لا غير؛ لأن بلفظ الظهار لا يقع الطلاق، وليس هو من كنايات الطلاق. والرابعة: أن يقول: نويت الطلاق بقوله: أنت عليَّ حرام، والظهار بقوله: كظهر أمي، يقع الطلاق بقوله: أنت عليَّ حرام، ويكون مظاهرًا بقوله: كظهر أمي؛ لأنه أرادها معًا كما لو قال: أنت طالق كظهر أمي ونوى به كليهما، نص عليه في "البويطي" وقال فيه: لو قال: أنت عليَّ كظهر أمي حرام ونوى به الطلاق لزمه الظهار، لأنه صريح به، وأضاف إليه كلمة صفة له، والفرق بينهما ظهار، ومن أصحابنا من قال: يكون مظاهرًا اعتبارًا بقوله: كظهر أمي، ويسقط قوله: أنت عليَّ حرام، وهذا متولد من الخلاف قبل هذه المسألة، فإن [١٣٥/ ب] من أصحابنا من اعتبر هناك ما نواه دون ما نطق، وهو المذهب المنصوص. ومنهم من راعى النطق وألغى ما نواه، وهذا إذا كانت مدخولًا بها، فإن لم تكن مدخولًا بها بانت بالطلاق. ولا يصح الظهار إذا قلنا يقع الطلاق بقوله: أنت عليَّ حرام مع النية في هذه المسألة. والخامسة: أن يقول: نويت بقولي أنت عليَّ حرام تحريم العين الذي يوجب كفارة يمين، فهو على هذا الخلاق، فإن اعتبرنا النية وجب كفارة يمين وسقط قوله: كظهر أمي. قال أبو حامد: وهو المذهب، وإن اعتبرنا النطق سقط ما نواه ويلزم الظهار، ولأنه قصد التحريم ووصفه بما يوجب الكفارة العظمى، فلا يقبل قوله في إسقاطها إلى الكفارة الصغرى.
فرع
قال ابن الحداد: لو قال لها: أنت عليَّ حرام، ثم قال: أردت به الطلاق والظهار، قيل له: اِختر أيهما شئت، فإن اللفظة الواحدة لا تكون طلاقًا وظهارًا. وقال بعض أصحابنا: يكون طلاقًا؛ لأنه بدأ بذكره، فكأنه يلزمه من ذلك ما يبدأ به ومن نصر القول الأول، قال: الاعتبار بجميع لفظه، ألا ترى أنه لو قال: طلقت هذه أو هذه لم يلزمه طلاق الأولى، وله أن يعين فيمن شاءن كما لو طلق إحدى امرأتيه.
فرع آخر
قال في "البويطي": قد قيل: من صرح بالطلاق والظهار والعتق ولم يكن له نية في ذلك لا يلزمه فيما بينه وبين الله تعالى طلاق ولا ظهار ولا عتق ويلزم في الحكم. قال: وحجته في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنية" و " يرفع القلم عن ثلاثة"، وإجماع العلماء أن المجنون والنائم إذا تلفظ بصريح لفظ الطلاق لا يلزمه، [١٣٦/ أ] ثم قال: وقال مالك: من طلق أو أعتق أو ظاهر بلا نية يلزم ذلك في الحكم وفيما بينه وبين الله تعالى. قال: والحجة في ذلك لمن ذهب إليه ما ذكر الله تعالى من إتلاف المؤمن خطأ، وما أجمع عليه العلماء أن مال آدمي خطأ فذلك عليه وإن لم ينو، وذلك من حقوق الآدميين، وللمرأة حق في منعها نفسها، وللعبد حق في حريته، وللمالكين حق