واحد. ومعنى قوله:"وصفت بالإسلام" أي علقت ووصفت، فأما إذا لقنت وتلقنت ولم تعرف ذلك لا يجوز، وهذا لأن الشرط حصول الإسلام. فإذا تقرر هذا إن كان المعتق يحسن العجمية يسمعها تصف الإسلام بالعجمية أجزاه ذلك، وإن لم يحسن [١٤٤/ ب] العجمية لابد من شاهد وعدلين يشهدان بأنها وصفت الإسلام جاز إعتاقها عن الكفارة أعجمية كانت أو عربية، فما فائدة قوله: فإن كانت أعجمية؟ قلنا: مقصود الشافعي إنها متى وصفت أصل الإسلام أجزأت، وإن كانت لا تهتدي إلى فروع الإسلام ومشاعره وتوابعه وكانت العرب سابقين إلى الإسلام فربما كان العربي في ذلك الزمان يعرف ويحسن من الإسلام وأحكامه ما لا يعرف العجمي غير أن العجمي إذا شارك العربي في أصل الإسلام مشاركه في اسم الإسلام وحكمه، وكأن قال: إذا وصفت الإسلام أجزأته ورن كانت أعجمية.
مسألة: قال: "فغنْ أعتقَ صبيةً أحدَ أبويَها مؤمنٌ، أو خرساءَ جليبةَ تعقلُ الإشارةَ بالإيمانِ أجزأهُ".
الصبي إذا كان أبواه مسلمين، أو أبوه يحكم بإسلامه بلا خلاف، وإن كانت أمه مسلمة وأبوه كافر يحكم بإسلامه عندنا خلاف لمالك، وهذا لأن من تبعه الحمل تبعه الولد المنفصل كالأب. وقال عطاء: لا يصير الولد مسلم حتى يسلم أبواه معًا، فإذا تقرر هذا يجوز إعتاقه عن الكفارة، وإن كان لهن يوم مثلًا؛ لأن القصد تكميل الشخص لا القيمة ولا المنفعة في الحال. وحكي عن أبي إسحاق أنه قال: إذا أعتق وصيفًا لا يجوز، ثم رجع وقال: يجوز؛ لأن الله تعالى أطلق الرقبة ولم يفصل. وقال أحمد: لا يجوز عتقه إلا بعد البلوغ؛ لأنه لا يقدر على علم وإيمانه ناقص أيضًا. وهذا غلط؛ لأنه إيمانه كامل ولهذا يقتل به المؤمن البالغ وهو سليم الخلق وترجي منفعته وقال مالك: لا يجوز إلا عد أن يصلي ويصوم بعد البلوغ. وحكي عن مالك أنه قال: أحب أن لا يعتق إلا بالغًا. وعندنا يستحب هذا أيضًا فلا خلاف على هذا. وحكي عن أحمد [١٤٥/ أ] أنه قال: يعجبني أن لا يعتق إلا من يعبر عن نفسه لقوله صلى الله عليه وسلم "الإيمان قول وعمل"، وهذا إشارة إلى الاستحباب فيرتفع الخلاف معه أيضًا. فإن قال قائل: أي فائدة في نصوص الشافعي رحمه الله تعالى مسألة الإيمان في الأنثى حيث قال: "وإن أعتقَ صبية أحد أبويها مؤمن"، وعلى هذا أجري أكثر المسائل؟ قلنا: يحتمل أنه قصد متابعة لفظ الكتاب حيث قال تعالى:" فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ" واسم الرقبة تأنيث، ثم ينطلق ذلك على الذكر والأنثى، ويحتمل أنه قصد جزالة اللفظ، فإن اللفظ في كنايات الأنثى أجزل وأفصح، وهذا نظير ما قال في كتاب الزكاة:"ولو تسلف الرجلين بعيرًا فأتلفاه".