ولو تسلف الرجل واحد كان حكمه كما لو تسلف لرجلين، ولكن اللفظ في الاثنين وكناياتها أجزل وأفصح. وأما الرقبة الخرساء قال الشافعي رحمه الله في "الجديد": يجوز إعاقته إذا كانت تعقل الإشارة" وقال في "القديم": لا يجوز الأخرس في الكفارة وبه قال مالك وأبو حنيفة رحمهما الله؛ لأنه ينقص قيمتها به كالعمى، فقيل: في المسلمين قولان وهو ضعيف، وقيل: هما على حالين، فإن كانت أصم لا يجوز وإن كانت تعقل الإشارة وإن لم يكن مع الخرس صمم يجوز، والدليل على جوازه أن الخرس نقص لا يضر بالعمل فلا يمنع الأجزاء كالطرش، وبه فارق الأعمى. فإذا تقرر هذا، فإن كانت مسلمة تبعا أجرأت، وإن كانت بالغة مجلوبة أو كانت من أبوين كافرين فأشارت بالإسلام إشارة مفهومة، قال: ها هنا تجزأ. وروى الربيع في كتاب "الأم" إذا أشارت الخرساء بالإسلام وصلت جاز عتقها". فقيل: ذكر الصلاة تأكيدًا لا شرطًا ولهذا ترك المزني نقل الصلاة لأنه علم أن الشافعي ذكره احتياطًا لا شرطا. وقال بعض أصحابنا: صلاة الأخرس شرط في صحة إسلامه بالإشارة، وحملوا إطلاق المزني [١٤٥/ ب] على تفسير الربيع؛ لأن الإشارة استدلال يختص بالأخرس والصلاة فصل يشترط فيه الناطق والأخرس فإذا أمكن اختيار إسلامه بما يشتركان فيه لم يجز الاقتصار على ما يختص به ولأن الإشارة لا تصرح وهي ضعيفة، فأكدت بفصل الصلاة. فإن قيل: ما فائدة قوله: "جليبة" ولا فرق بين المجلوبة والولد في بلاد الإسلام؟ قلنا: الجواب عنه ما مضى في تقييده بالأعجمية، فإن المجلوبة تكون هي العجمية. واعلم أن المستحب أن تكون ناطقة بكلمة الإيمان فلذلك أنفي للريبة وأبعد من الاختلاف.
مسألة: قال: "ولو سُبيتْ صبيةٌ معَ ابويهَا كافرين فعَقَلَتْ ووصَفَتْ الإسلامَ وصلَّتْ إلا أنها لمْ تبلغَ لمْ تجزئهُ".
فصل
إذا سبي الصغير مع أبويه أو أحدهما لم يصر مسلمًا بإسلام السابي، وإنما يصير مسلمًا بإسلامه إذا لم يكن معه أحد أبويه. وفيه وجه لا يصير تبعًا للسابي أصلًا في الإسلام لعدم البعضية، وهو خلاف مفهوم كلام الشافعي ها هنا، فإن أسلم هذا الصغير بنفسه فقد ذكرنا فيما تقدم أنه لا يجوز إسلامه على ظاهر المذهب، وفيه وجهان آخران؛ أحدهما يجوز إسلامه دون ردته، وهو اختيار الاصطخري. والثاني: يراعي على ما يكون منه حال بلوغه، فإذا قلنا: لا يصح إسلامه لا يجوز إعاقته عن الكفارة.
وإذا قلنا: يجوز إسلامه يجوز إعتاقه عن الكفارة. وإذا قلنا: يراعى فأعتقه عن