جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين. وحاله لا يجوز له قذفها ولا نفي ولدها وهي أن تأتي بولد يشك فيه أو لا يشك فيه ولكنه شبيهًا بمن يتهمها به أو تأتي بولد لا يشبه الأبوين مثل أن تأتي بولد أسود وهما أبيضان، أو تأتي بولد أبيض وهما أسودان ولم يعرف لها زنًا [١٧٧/ ب] ولا فجورًا فيها وجهان؛ أحدهما: لا يجوز له القذف واللعان وهو اختيار القاضي الطبري لأنه لا يجوز أن يكون في أبائه وأمهاته هذه الصورة فأشبه لأن العرق ينزع والدليل على هذا ما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن إعرابيًا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ إن امرأتي ولدت غلامًا أسود فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هل لك من إبل؟ قال: نعم، قال: ما ألوانها؟ قال: حمر، قال: هل فيها من أورق؟ قال: نعم إن فيها أورقًا قال: فأنى ترى ذلك قال: لعل عرقًا نزعه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فلعل هذا نزعه عرق.
والثاني: لا يجوز له القذف واللعان لأن الظاهر أنه ليس منه، والشبه يحكم به في الإنسان في الشريعة فجاز له نفيه لأجله وهذا أقرب في المذهب، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في خبر هلال أن جاءت به على نعت كذا فهو لشريك بن سحماء. ولو قال: بلغني أنها زنت، أو أخبرت بذلك ولم يقطع بأنها زانية، لم يكن قذفًا حتى يقطع، ذكره أبو إسحاق وقال في "الحاوي": الحامل خمسة؛ أحدها يجب أن يلتعن فيها بغير قذف، وهو أن تأتي بولد ولم يدخل بها يجب أن يلاعن لينفي ولدًا يعلم قطعًا أنه ليس منه يكون محرمًا لبناته، ولا يجوز أن يقذف لأنه يجوز أن يكون من زوج قبله أو أكرهت على نفسها، والثاني: يجب عليه ملاعنتها ولكن بعد القذف؛ بأن يكون أصابها واستبرأها ووجد معها رجلًا يزني بها ثم أتت تخمل لا يجوز أن يلاعن إلا أن يقذف فيصير القذف لوجوب اللعان الذي لا يصح إلا به واجبًا عليه. ولولا الحمل ما وجب عليه.
والثالث: يكون مخيرًا بين أن يلاعنها أو يمسك وهو أن يطأها ولا يستبرئها، ويرى رجلًا يزني بها فيكون مخيرًا بين اللعان بعد القذف وبين الإمساك فأما نفي الولد [١٧٨/ أ]، فإن غلب على ظنه أنه ليس منه جاز نفيه، وإن غلب على ظنه أنه منه لم يجز نفيه، وإن لم يغلب على ظنه أحد المرين جاز أن يغلب في نفيه حكم الشبه لأجل ما شاهد من الزنا.
والرابع: لا يجوز له قذفها ولا نفي ولدها وهو أن يكون على إصابتها ولا يراها