للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مسألة: قال: "ولمَا لَمْ يخصَ اللهُ تعالى أحدًا من الأزواجِ دونَ غيرهِ ولمْ يدلَ على ذلكَ سنةٌ ولا إجماعٌ كانَ على كلِّ زوجٍ يصحُ طلاقهُ".

يصحُ اللعانُ مِنَ كل زوجين مكلفين سواء كانا مسلمين أو كافرين أو الزوج مسلمًا والمرأة كافرة أو الزوج كافرًا والمرأة مسلمة أو محدودين في القذف أو غير محدودين أو حرين أو رقيقين أو أحدهما رقيقًا والأخر حرًا. وبه قال سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، والحسن، وربيعة، ومالك، والليث، والنوري، وأحمد، وإسحق، وقال أبو حنيفة: لا يصح اللعان إلا بين زوجين هما من أهل الشهادة ولا يجوز بين الكافرين ولا بين الكافرة والمسلم، ولا بين العبدين، ولا بين العبد والحرة، ولا بين المحدودين في القذف أو أحدهما وبه قال الزهري، وحماد، والأوزاعي وروي هذا عن أحمد أيضًا [١٧٦/ أ] واحتجوا بأن اللعان شهادة لأن الله تعالى استثناه من الشهادة بقوله سبحانه: {ولَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} [النور: ٦]، وأنه يفتقر إلى لفظ الشهادة فلا يصح إلا ممن هو من أهل الشهادة وأيضًا روي عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أربع من النساء لا ملاعنة بينهم النصرانية تحت المسلم واليهودية تحت المسلم والمملوكة التي تحت الحر والحرة تحت المملوك وروي "لا لعان بين أهل الإسلام وأهل الكفر ولا لعان بين العبد وامرأته"، ولا لعان بين المحدود في القذف وامرأته وهذا غلط؛ لعموم الآية ولأن من صح طلاقه صح لعانه كالحر المسلم ويؤكده أن اللعان خص بالأزواج للضرورة والضرورة قائمة في حق جميعهم، وأما ما ذكروه لا يصح لأن اللعان يمين لا شهادة أو المغلب فيه اليمين لأنه يشترط فيه ذكر اسم الله تعالى ويستوفي فيه الذكر والأنثى ويصح من الفاسق المعلن بفسقه والأعمى واليمين سمي شهادة قال الله تعالى: {قَالُوا نَشْهَدُ إنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} [المنافقون: ١]، أي: نحلف، وأما الافتقار إلى لفظ الشهادة اختلف أصحابنا فيه على وجهين؛ أحدهما: لا يفتقر إليه. ولو قال: احلف بالله أو اقسم جاز. والثاني: أنه يفتقر إليه ولا يمنع هذا كونه يمينًا لأن اليمين تغلط بلفظ الشهادة كما تغلط بسائر الألفاظ، وأما الخبر لا أصل له. قال الشافعي والساجي: لم يذكره أحد من أهل الحديث، وقال الإمام أحمد البيهقي: مداده على عطاء الخراساني، وعثمان الوقاصي، وعمر بن هارون، ويحي بن أبي أنيسة وكلهم ضعفاء. واعلم أن الشافعي علل هاهنا فقال: كل زوج جاز طلاقه ولزمه الفرض جاز لعانه، ولم يرد تركيب الغلة منهما جميعًا بل أراد التنبيه على أن كل [١٧٦/ ب] وصف من هذين الوصفين علة مستقلة بنفسها، ألا ترى أنه قال في جانب الزوجة وكذلك كل زوجة يلزمها الفرض ثم قال: ويختلف الحدود لمن وقعت له يعني المقذوفة وعليه يعني القاذف وأراد به أنه تختلف الحدود في

<<  <  ج: ص:  >  >>