للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فرع

لو لاعن الزوج ولاعنت هل يرتفع فسقه؟ قال في "الحاوي": يحتمل وجهين؛ أحدهما: يرتفع لأن اللعان كالبينة في حقه لسقوط حده، والثاني: لا يرتفع لأن لعانها معارض للعانه ومانع من وجوب حدها به.

مسألة: قال: "وفي ذلكَ دلالةٌ على أنْ ليسَ للزوجِ أَنْ يلتعنَ حتى تطلبَ المقذوفةُ حدَها".

الفصل

جملته أنه إذا قذف زوجته ولم يكن له بينة تشهد بالزنا فله أن يلتعن عن الطلب بلا خلاف وفيه نزلت الآية. وإن كان له بينة تشهد بالزنا فله اللعان أيضًا وبه قال كافة العلماء، وقال بعض التابعين: لا يجوز أن يلاعن مع وجود البينة، وهذا غلط؛ لأن اللعان يفيد ما لا تفيد البينة من رفع الفراش ونفي النسب وهو محتاج إلى هذا. فإذا تقرر هذا فإن طالبت بالحد وهي حرة محصنة، أو طالبت بالتعزير وهي أمة أو كتابية فله أن يلاعن لإسقاطه. وإن لم تطالب هي وهناك بنسب الولد له أن يلاعن لنفيه، وإن لم يكن ينسب فالمذهب أنه لا يلاعن حتى تطالبه. وقال أبو إسحاق: له أن يلاعن لتبرئة ذمته وهذا غلط؛ لأن اللعان يراد لإسقاط الحد المطلوب، أو لنفي النسب، وليس هاهنا واحد منهما. والفراش يمكنه رفعه بالطلاق فلا حاجة إلى اللعان لأجله.

فصل

عندنا حد القذف الآدمي يورث عنه ويدخل فيه العفو، وبه قال أحمد. وقال أبو حنيفة: هو حق الله تعالى لا يورث ولا يدخله العفو. ووافقنا أنه لا بد من المطالبة باستيفائه، وإن الحاكم يحكم فيه بعلمه بخلاف حد الله تعالى. وقال مالك: [١٧٥/ ب] هو مشترك بين حق الله تعالى وحق الآدمي، فإن سمعه الإمام وشاهدان؛ يجب حد القذف من غير مطالبة. وإن سمعه الإمام وحده لم يجب إلا بالمطالبة ويجوز العفو عنه قبل الترافع إلى الإمام ولا يجوز بعد المرافعة. وروي عن أبي يوسف أنه مشترك لا يجب إلا بالمطالبة ويسقط العفو وهذا غلط لأنه عقوبة لا تستوفي إلا بالمطالبة بها فكانت عقوبة الآدمي كالقصاص، فإن قيل: أليس لو قال: اقذفني فقذفه لا يقسط حد القذف، ولو قال: اقتلني فقتله يسقط القصاص؛ قلنا: المذهب أنه يسقط حد القذف أيضًا ولا نص فيه. وقال بعض أصحابنا بخراسان: لا يسقط والفرق بينهما أن القتل يستباح بسبب فيحتمل أن يكون الأمر بقتل نفسه لإباحة الدم بالزنا ونحوه فلم يجب به القصاص على المأمور، وأما القذف لا يستباح بحال وأنه إن كان زانيًا لا يباح قذفه فلا يتأثر الأمر به.

<<  <  ج: ص:  >  >>