للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما لو حدت بالإقرار والبينة. ولو لاعنها الزوج ولم تلاعن هي ولم تعد بعد سقط إحصانها في حق الزوج دون غيره أيضًا لأنه وجب عليها الحد بلعانه، وإن لم تحد وذكر الداركي وجهًا آخر هاهنا أيضًا أنه يسقط إحصانها في حق الكل لأنه ثبت زناها بلعانه كما لو حدت وهذا بعيد. وقال أبو حنيفة: إن كان لها ولد نفاه باللعان سقط إحصانها في حق الكل وإن لم يكن لها ولد نفاه سقط إحصانها في حق الزوج خاصته. وقد قال: لو قدمت إياه ومعها ولد لا يعرف نسبه فقذفها قاذف لا حد عليه لأن نسب ولدها غير ثابت وهذا غلط؛ لما روي أن النبي قال في خبر هلال فمن رماها أو رمى ولدها فعليه الحد، ولو لاعنت ولاعن الزوج ثم قذفها ثانيًا بذلك الزنا لم يجب عليه الحد ويعزر لأن اللعان لحجة في حقه كالبينة، ولو أعاد القذف بعد إقامة البينة لا يلزمه الحد لكن ذكر جماعة أصحابنا.

وذكر صاحب "الحاوي" و"الشامل" أنه يلزمه الحد [١٨٧/ أ] وجهًا واحدًا لأنه عارض لعانه لعانها ولم يثبت عليها الزنا ولا وجب الحد علها فلم يزل إحصانها وهذا أقيس عندي لوقذفها بعد التلاعن بزنا آخر فيه وجهان لأصحابنا؛ أحدهما: لا حد لقيام الحجة على زناها، وإن عارضها بلعانها، والثاني: يحد لزنه لم يقم الحجة على هذا الزنا، واللعان حجة خاصة فيما تقدم، ولم يقدم الحد عليها وهذا اختيار القفال. وذكر مرة أن في المسألة قولين؛ ونص في "القديم" أنه يحد، ولو قذف زوجته ولم يقم البينة ولم يلاعن، فحد لها ثم رماها بذلك الزنا، عزر ولا يحد أيضًا، ولو رماها بزنا آخر فيه وجهان؛ أحدهما: وهو اختيار ابن الحداد لا يحد لأنه حد لها فلا يحد. والثاني: يحد، وهما مبنيان على القولين الأجنبي يحد في قذف الأجنبي ثم قذفه ثانيًا بزنًا آخر، هل يحد أم لا؟ ومن العلماء من قال: يجب الحد ثانيًا إذا أعاد القذف بكل حال كما لو تكرر الزنا بعد إقامة الحد وهذا غلط لأن أبا بكرة كرر قذف المغيرة بعد إقامة عمر بن الخطاب رضي الله عنه الحد عليه، ولم يحده عمر، ولأن حد القذف يراد بالتكذيب، وقد ذكرناه حين حددناه فلا حاجة إلى الحد ثانيًا.

وأما إذا قذف زوجته بزنا؛ وكان قبل الزوجية ولم يقم عليه بينة، فإن لم يكن هناك ولد حد لها؛ ولا يكتفي لأنه لا ضرورة به إلى رميها بالزنا قبل الزوجية؛ وبه قال مالك وأحمد في رواية، وقال أبو حنيفة: له أن يلاعن لأن الزوجية كانت قائمة وقت القذف والاعتبار بحالة القذف وهذا غلط لما ذكرنا، وإن كان هناك ولد يريد نفيه فيه وجهان؛ أحدهما وهو اختيار أبي إسحاق: لا يلاعن لأنه لا حاجة به إلى إلحاق الزنا إلى ما قبل الزوجية، فإذا فعل ذلك لا يلاعن وبه قال مالك وأحمد في رواية والنسائي، وهو اختيار ابن أبي هريرة [١٨٧/ ب] وصاحب الإفصاح والقاضي الطبري؛ يلاعن لأنه به حاجة إلى قذفها لنفي الولد فأشبه إذا قذفها بالزنا في الزوجية وهذا أصح، ولو قذف

<<  <  ج: ص:  >  >>