إذا لاعن منها عند وجود الولد ونفي نسب الولد؛ هل تحرم هي على التأبيد عليه؟ لا نص فيه؛ واختلف أصحابنا فيه على وجهين؛ أحدهما: تحرم على التأبيد وهو الأشبه، والأصح أن اللعان إذا صح تعلق به التحريم على التأبيد كما لو لاعن زوجته، ولأن كل نسب يوجب التحريم المؤبد إذا صادف الزوجية أوجب التحريم المؤبد، وإن صادف غير الزوجية كالرضاع، والثاني: لا تحرم على التأبيد لأن التأبيد تابع لوقوع الفرقة بهذا اللعان، ولأنه تحريم يختص به الأزواج، فإذا صادف البينونة لا حكم له في الطلاق.
فرع آخر
إذا قلنا بالوجه الثاني، هل يجرى عليه حكم الطلاق الثلاث حتى لا تحل إلا بعد زوج لأن أضعف أحواله أن يكون الطلاق، والثاني: تحل قبل زوج إذا لم يستكمل عدد الثلاث بالطلاق المقدم لأن هذا اللعان لم يؤثر في الفرقة فلم يؤثر في التحريم أصلاً، ولو أثر في التحريم لكان تأثيره في تحريم التأبيد أولى. [١٨٩/ ب]
فرع آخر
قال القفال: إذا لاعن فنفي الولد وحده فهل تلاعن المرأة؟ فيه وجهان؛ أحدهما: تلاعن كما في النكاح، والثاني: لا تلاعن؛ لأن نفي الولد ضد مقتضى لعانها فلا معنى للعانها فيه. قال: وهذان الوجهان مبنيان على أنها هل تذكر أمر الولد في لعانها أم لا، والوجه الثاني أظهر لأن الشافعي قال: لو نسي الحاكم نفي الولد في اللعان قال الزوج: إذا شئت نفيه فلاعن، فإذا أعاد لم تعد المرأة لعانها كذلك هاهنا لا يلاعن ولا يحد فإنه لم يلاعن لإثبات الزنا عليها وإسقاط الحد عن نفسه وإنما لاعن لنفي الولد وحده.
فرع آخر
لو كان بها حمل يريد نفيه في المسألة التي ذكرناها نقل المزني بأن له أن ينفيه باللعان فقال: إلا أن ينفي به ولدًا أو حلاً فيلتعن، وذكر المزني في "الجامع الكبير" هذه المسألة؛ وقد قال الشافعي: لا لعان بينهما إلا أن ينفي ولدًا أو حملاً فيلا عن للولد ويوقف للحمل، فإذا ولدت التعن فإن لم يلاعن حدَّ، ثم قال المزني: أولى بقوله أن يلتعن، وإن لم تلد إذا أن الحمل. واختلف أصحابنا فيه فقال أبو إسحاق: التلاعن على نفيه قولاً واحدًا كما نقل المزني لأن المقصود باللعان هاهنا النفي. ألا ترى أنه لو لم يكن هناك ولد لا يلاعن فلا يجوز ذلك، حتى يتيقن الولد الذي هو سبب صحة اللعان وحمل أبو إسحاق ما نقله المزني على ما قرره في "الجامع الكبير" وهو أنه يلاعن إذا وضعت، ويخالف هذا إذا كانت زوجته حاملاً له أن يلاعن وينفي الحمل قولاً واحدًا لأن المقصود هاهنا درء الحد عن نفسه، وينفي النسب تبعًا لأنه، وإن لم