قوله، فالقائل الأول والثاني يقولان: يلاعن للقذف الأول، والقائل الثالث يقول: يلاعن للقذف المجدود. ومن قال بالأول قال: حصل قذفها في لفظ لعانه حيث يقول: إني لمن الصادقين فيما رميتها به فلا يحتاج إلى تجديد هذه اللفظة [١٨٨/ ب] متى أراد اللعان وقال ابن أبي ليلى: لا يلاعن لأنه جحد القذف وقاعدة اللعان القذف وقصد الشافعي بما ذكر من العلة هو.
مسألة: قال: "ولو قذفَها ثم بلغَ لم يكنْ عليهِ حدٌ ولا لعانٌ".
الصبي إذا قال لزوجته: يا زانية لم يكن قذفًا ولا حد عليه ولا تعزير أيضًا لأنه لا حكم لكلامه، فإن بلغ وأراد اللعان لم يكن له لأن اللعان إنما يكون على القذف وليس هذا بقذف، وقال القفال: ولكن يؤدب الصبي على ما قال: إن كان يعقل عقل مثله، فإن لم يؤدب حتى بلغ لم يؤدب بعده لأنه زال المعنى الذي ونبه.
الرجعية في حكم الأزواج فيلاعنها زوجها ولا يؤخر إلى أن يراجع كما يؤخر أمر الظهار والإيلاء لأن الظهار تحريم وهي محرمة والإيلاء مضارة ولا تبين المضارة في حال التحريم واللعان يراد لأمور تتحصل الآن وفي تأخيره ضرر بما يموت فيبقى النسب غير منتفي في الحال فيلاعن.
مسألة: قال: "ولو بانتْ فقذفَها بزنًا نسبهِ إلى أنه كانَ وهيَ زوجتُه حدَ ولا لعانَ".
إذا أبان زوجته بالطلاق الثلاث أو الخلع أو الفسخ ثم قذفها بزنا كان بينها في حال الزوجة نظر، فإن لم يكن هناك ولد ينفيه لم يجز له أن يلاعن، وحد إن لم يأت بالبينة لأنه لا ضرر فيه إلى قذفها بعد البينونة، وقال عثمان البتي: له أن يلاعن، وبه قال الأوزاعي وأحمد؛ وقيل عن أحمد مثل قولنا وهو الصحيح. وإن كان هناك ولد يريد نفيه له أن يلاعن وقال أبو حنيفة: لا يلاعن لأنه قذفها في غير الزوجية فأشبه إذا لم يكن هناك ولد وهذا غلط لأنه لا حاجة به إلى قذفها [١٨٩/ أ] واللعان عند عدم الولد وبه حاجة إلى ذلك عند وجود الولد لئلا يلحقه نسب ولد ليس منه فافترقا، واعلم أن الشافعي ألزم نفسه سؤالاً فقال: فإن قيل: فلم لاعنت بينهما وهي بائن إذا ظهر بها حمل قيل: كما ألحقت الولد لأنها كانت زوجة فلاعنت أيضًا عند الاحتياج لأنها كانت زوجة، ثم قال الشافعي: نفي رسول الله صلى الله عليه وسلم الولد وهي زوجة فزال الفراش كأن الولد بعدما يتبين أولى ينتفي، ومعناه أن اللعان إذا لاقى الفراش تعلق به قطع الفراش وقطع النسب ودرء الحد، فإذا انقطع الفراش بالطلاق كيف لا يقوى اللعان على دفع النسب ودرء الحد وهو بعض ما كان يقوي عليه قبل ذلك.