لو قذف عبد رجلين فوجب عليه حدان هل يوالي بين الحدين؟ يحتمل وجهين ذكرهما أبو إسحاق؛ أحدهما: يوالي لأن الذي يقام عليه الحد ثمانون جلدة وقد يجوز أن يوالي عن الحر ثمانون جلدة والثاني: لا يوالي لأنهما حدان في حقه، والأول أقرب عندي.
فرع آخر
لو ثبت على رجل حدان لله تعالى أحدهما بالإقرار، والآخر بالبينة قال القفال: قدم ما ثبت بالبينة فإنه ربما يرجع عن الإقرار، فهاهنا أيضاً ينبغي أن يقدم حد الأم لأنه ربما يسقط حد الابنة باللعان.
مسألة: قال: "ومتى أبى اللعانُ فحددته إلاَّ سوطًا ثمَ قالَ: أنا ألتعنُ، قبلتُ رجوعَه ولا شيءَ لهُ فيمَا مضى".
اللعان في هذا كالشهادة عندنا لا كاليمين فإذا حددناه إلا سوطاً ثم قال: أنا أعود إلى اللعان أعدناه كما لو قال: أنا أقيم البينة قبلناها وتركناه، وكذلك المرأة إذا وجب الحد عليها بلعان فحده إلا سوطاً فقالت: أنا أعود إلى اللعان قبلنا وعادت إلى اللعان، فيسقط بلعانها ما بقي من الحد ولا شيء عليه فيما مضى من الضرب لأنه كان ضربًا ليمين ويخالف هذا إذا نكل المدعى عليه عن اليمين وردت اليمين إلى المدعي فقال المدعى عليه: أنا أحلف؛ لا يرد عليه اليمين لأن اليمين صارت حجة للمدعي، فلم يجز أن يأتي بها المدعى عليه وليس كذلك اللعان لأنه لا يصير بنكوله حجة لغيره. قال القفال: لو أقيم عليه الحد في التمام؛ ثم قال: ألاعن؛ لأصدق نفسي لم يقبل منه وهذا صحيح. [١٩٢/ ب].
مسألة: قال: "فإنَ قالَ قائلٌ: كيفَ لاعنتَ بينهُ وبينَ منكوحةِ نكاحًا فاسدًا بولدٍ، والله تعالى يقول:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ}[النور: ٦]، وهذهِ لستْ بزوجة".
الفصل
نقل المزني سؤالاً قبل بيان المذهب؛ فنحن أولاً نبين المذهب وهو أنه: إذا قذف المنكوحة نكاحًا فاسدًا لم يكن له اللعان إلا أن يكون هناك ولد يريد نفيه فيكون حكمه حكم المطلقة البائن في جميع ما ذكرناه. وبه قال أحمد، وقال أبو حنيفة: لا يلاعن عنها بحال لأنها أجنبية منه وهذا غلط، وذكر الشافعي هاهنا وهو أنه لو جعل الوطئ في النكاح الفاسد كالوطئ في النكاح الصحيح في الأحكام من وجوب المهر والعدة ولحوق النسب فكذلك بالنفي باللعان، وقيل: هذا في النفي باللعان أولى لأن النسب أقوى في النكاح الصحيح، فإذا جاز نفي الأقوى فلأن يجوز نفي الأضعف أولى،