للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنبر أراد إذا كثر الناس ليراه الناس، والذي قال: عند المنبر إذا قل الناس، وقال ابن أبي هريرة، يلاعن عند المنبر لا على المنبر بكل حال لأن في صعودهما على المنبر إعظام لهما ولا يجوز ذلك؛ لأنهما فاسقان أو أحدهما والذي قال على المنبر معناه عند المنبر كما يقال: حلف على المصحف يعني بالمصحف وهذا لأن حروف الصفات يقوم بعضها مقام بعض، وأما ما رواه الشافعي بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لاعن بين زوجين على المنبر قيل: رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على المنبر قاعدًا والمتلاعنان بين يدي المنبر ويؤمر الحاكم لأن بهذا وقيل: معناه أمر الملاعن بأن يصعد المنبر والرسول صلى الله عليه وسلم كان جالسًا عند المنبر فصعد العجلاني المنبر ولاعن ثم نزل وصعدت المرأة المنبر ولاعنت ويؤمر الحاكم الآن بهذا.

قال القفال: وهذا أصح [١٩٤/ ب] لأنه رثي على عثمان رضي الله عنه أن يحلف على المنبر فأبى أن يحلف وقال: أخاف أن يوافق قدر بلاء فيقال بيمينه. وإن كان في بيت المقدس ففي موضع الاختيار من مسجدها وجهان؛ أحدهما: عند الصخرة وهو المشهور لأنها أشرف بقاعه، وقال أبو حامد وجماعة: يكون على المنبر أو عنده لأنه أخص بالشهرة، وإن كان في سائر البلاد ففي جوامعها عند المنبر لأنها أشرف البقاع، ومن أصحابنا من قال: لا يختص بالمنبر في سائر البلاد لأنه لا مزية لبعض المسجد على بعض في سائر البلاد ويخالف المدينة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة" ذكره في "الشامل" ولم يذكره خلافًا وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من حلف عند منبري هذا يمين إن وجبت له النار". وروى جابر رضي الله عنه يتبوأ مقعده من النار فخص منبر لنفسه، وأما التغليظ بالزمان فهو أن يحلف بعد العصر، قال الله تعالى: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} [المائدة: ١٠٦]. وقيل في التفسير: أراد بالصلاة هاهنا صلاة العصر.

وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم رجل حلف يمين على مال مسلم فأقطعه، ورجل حلف على يمين بعد صلاة العصر لقد أعطى بسلعته أكثر مما أعطي وهو كاذب، ورجل منع فضل ماء. فإن الله تعالى يقول: "اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمله. قال القفال: ويؤكد يوم الجمعة إن لم يكن في تأخيره إلى يوم الجمعة ضرر فيحلف بعد صلاة العصر من يوم الجمعة لأن أبا هريرة رضي الله عنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم [١٩٥/ أ] أنه قال: "إن في الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم يصلي فيسأل الله شيئًا إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>