أعطاه"، فقال كعب الأحبار: إنها الساعة بعد العصر فقال أبو هريرة: كيف تكون بعد العصر وقد قال: "لا يوافقها عبد مسلم يصلي"، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس فقال كعب: أليس قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن العبد في الصلاة ما انتظر الصلاة".
وأما التغليظ بالجمع أن يجمع لها طائفة من الرجال العدول أقلهم أربعة ليثبت بشهادتهم وهذا لقوله تعالى:(وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ)[النور: ٢]، فلما كان الحد يستحب أن يكون بحضرة طائفة تستحب أن تكون بحضرتهم. وقيل في التفسير: أراد بالطائفة هاهنا أربعة، ولأن ابن عباس وابن عمر وسهل بن سعد الساعدي رضي الله عنهم حضروا اللعان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم على حداثة منهم والصبيان لا يحضرون المجالس إلا تابعين للرجال فدل أنه حضر جماعة من الرجال وتبعهم الصبيان ولأن اللعان مبني على التغليط المردع والزجر وفعله عند الجمع أبلغ في الردع، وأما التخصص بالأربعة فلأن شهود الزنا أربعة فلذلك هذا يخص بالأربعة.
فإذا تقرر هذا فلا يختلف المذهب أن التغليظ في اللفظ بالتكرار واجب هاهنا على ما ورد في سائر الدعاوى توكيد الإيمان باللفظ فيؤمر أن يقول: والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة ونحو ذلك وهو إذا كانت الدعوى في غير المال أو في المال الذي بلغ نصابًا ولا يكون هذا واجبًا قولاً واحدًا، وأما التغليظ بالزمان والجمع لا يجب قولاً واحدًا بل يستحب ذلك، وأما التغليظ بالمكان فيه قولان؛ أحدهما: أنه مستحب كالزمان والجمع [١٩٥/ ب] والثاني: أنه واجب حتى لو أخل به يعاد اللعان لأن النبي صلى الله عليه وسلم غلظ بالمكان وعدد الإيمان فكما وجب أحدهما كذلك الآخر، وقال أبو حنيفة: لا يغلظ بالمكان والزمان والجمع وهذا غلط؛ لما ذكرنا. وقال القفال في التغليظ بالزمان: هل يجب أم لا؟ قولان أيضًا وهذا غير مشهور، وقيل في التغليظ بالجمع: بل يجب قولان أيضًا وليس بشيء وعلى ما ذكرنا لو امتنع الرجل أو المرأة من اللعان في الموضع المغلظ هل يجعل ناكلاً؟ قولان بناء على القولين في الوجوب.
مسألة: قال: "ويبدأ الإمام فيقيمُ الرجلُ قائمًا والمرأة جالسةً".
الفصل
السنة أن يتلاعنا قائمًا وهو نوع تغليظ فيقوم الرجل والمرأة جالسة فتلاعن، وإن لاعن قاعدًا مع القدرة أساء ويجزيه، فإذا فرغ الرجل وأرادت المرأة اللعان قامت والتعنت والرجل جالس هكذا روي في قصة هلال وهذا لأن القصد به الردع والزجر، رجاله القيام أبلغ من الردع والزجر ولأنه عند القيام إلي سماع الناس أقرب فكان أولى.