إذا كان الزوجان مشركين يلاعنان في الموضع الذي يعظمانه، فإن كانا يهوديين ففي الكنيسة، وإن كانا نصرانيين ففي البيعة، وإن كانا مجوسين ففي بيت النار وهذا لأنهم يعظمون هذه المواضع وليس فيها معصية فخلا الإمام أن يحلفهم فيها لينزجروا عن الكذب ولا نقول لهذه المواضع حرمة والمعنى في التغليظ بها ما ذكرنا ويخالف اليمين بالوثن والصم لأن ذلك معصية فلا يجوز التحليف به، وإن كانوا يعظمونه، فإن قيل: إذا حضر الحاكم معهما في هذه المواضع فقد شاركهما في المعصية بتعظيم هذه المواضع قيل: دخولها لا يكون معصية، وإنما المعصية في تعظيمها والحاكم لا يعظمها، وقال القفال: لا يؤكد يمين المجوسي ببيت النار لأنه لم يكن لها حرمة قبل الفسخ وإن كان الزوج مسلمًا والمرأة مشركة، فإن الرجل يلاعن في المسجد وتلاعن المرأة في البيعة والكنيسة.
مسألة: قال: "وإن شاءت المشركة أن تحضره في المساجد كلها حضرته إلا أنها لا تدخل المسجد الحرام".
قال أبو حامد: أراد الشافعي في الذمية تحت المسلم طلبت أن تلاعن زوجها في المسجد يجوز ذلك في جميع المساجد إلا المسجد الحرام وإنما كان لها ذلك إذا رضي الزوج به فإن لاعن الزوج في المسجد وطلبت أن تلاعن هي في الموضع الذي تعظمه كان عليها ذلك، وقال بعض أصحابنا: صورة المسألة في كافرين فأرادت المرأة أن تلاعنه في المسجد كان لها ذلك لأن التغليظ [١٩٧/ أ] عليه بالمكان الذي يعظمه حق لها، فإذا رضيت إسقاطه كان لها ولا وبد هاهنا من رضاه في لعانها في المسجد وهذا أقرب إلى المظاهر كلامه قال المزني: إذا جعل المشركة أن يحضره في المسجد وعسى بها مع شركها أن تكون حائضًا كانت المسلمة بذلك أولى وهذا مذهبه أن الحائض لا تمنع من المسجد كالمشركة والجواب، قال بعض أصحابنا: أن عرفنا حيضها وحياتها هل يجوز لها حضور المسجد؟ وجهان؛ أحدهما: لا يجوز. والثاني: يجوز لها ذلك. وهذا لا يصح لأن النص للشافعي فرق بينهما والمعنى ما ذكرنا في كتاب الصلاة أن المشركة لم تعتقد تعظيم المساجد حتى نطالبها بقضية الاعتقاد بخلاف المسألة فحيل بينها وبين المسجد ما دامت حائضًا.
مسألة: قال: "وإن كانا مشركين لا دين لهما تحاكما إلينا لاعن بينهما في مجلس الحكم".
إذا لم يكن لها دين من الزنادقة والدهر به وعبدة الأوثان وكانا عندنا بموادعة هدنة لا يعتقدان تعظيم المكان المخصوص لا يعتقدان صانعًا وربما يقولان بقدم الدهر فأي فائدة في يمينهما وكيف يتصور لعانهما ولا يمين لهما، قلنا: إنما يتصور ذلك لأنه ما