للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال صاحب المنهاج: وعلى ما ذكرنا لو أقر رجل بالزنا وسمي المزني بها ثم رجع عن إقراره ليس عليه حد القذف لأن الإقرار إقرار واحد وقد أسقطنا حكمه في نفسه قياسًا على ما لو حد لها سقط حد المرمى به لأن الفعل واحد، قال: وقد قيل غير ذلك وعندي هذا سهو منه، والمنصوص أنه إذا رجع عن إقراره لا يسقط حد قذفها ثم قال الشافعي: والولد للفراش ولا ينفي إلا على ما نفي به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأراد به أن الولد يلحقه ولا ينفي عنه إلا باللعان ولا ينفي بالشبه والاستدلال وأراد لا ينتفي إلا بكمال اللعان خلافًا لأبي حنيفة حيث قال: أكثر اللعان يكفي إذا حكم به الحاكم وهذا التأويل أظهر، ولو قال: هو ولد زنا وما هو مني أو انتفيت منه أو أنا برئ منه لا يؤثر في نفيه وهذا لمراعاة الاحتياط في النسب.

مسألة: قال: "ولو أكملَ اللعانَ وامتنعتْ من اللعانِ وهي مريضةٌ أوْ في بردٍ أو حرٍ وكانتْ ثيبًا رجمتْ".

الفصل

عبّر الشافعي عن المحصنة بالثييب وعن غير المحصنة بالبكر كما عبر رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم، وجملته أنه لا يخلو إما [٢٠٩/ ب] أن تكون بكرًا أو ثيبًا، فإن كانت بكرًا يجب عليها عند الامتناع من اللعان بعد لعانه حد الإبكار وهو الجلد والتغريب فإن كانت صحيحة والهواء معتدل لا شدة حر ولا شدة برد يقام عليها الحد، وإن كان الهواء غير معتدل لا يقام حتى يعتدل الهواء لأن القصد منه الزجر والردع لا الإتلاف ولا يؤمن منه السراية والتلف، وإن كانت مريضة فإن كان مرضها يرجى زواله آخر إلى أن تبرأ، وإن كان لا يرجى زواله كالزمانة والسل أقيم عليها الحد عاجلاً بأطراف الثياب وأشكال لا نخل ولا فرق بين أن يكون ثبت عليها هذا الحد بالبينة أو بامتناعها من اللعان أو بالإقرار وإن كانت ثيبًا، قال أبو إسحاق: ترجم في جميع الأحوال لأن القصد إتلافها وهو ظاهر كلام الشافعي ومن أصحابنا من قال: هذا إذا ثبت الرجم بالبينة، فإن ثبت بإقرارها أو بامتناعها من اللعان أخر لشدة الحر والبرد لأن لها مخلصًا منه بالرجوع عن الإقرار والإقدام على اللعان فلا نأمن من أن نرجمها بعض الرجم ثم ترجع فنكون قد أعنا على تلفها وليس كذلك إذا قامت عليها البينة لأن لا مخلص لها منه وهذا لا يصح لأنه يحتمل رجوع الشهود عن الشهادة كما يحتمل رجوعها، وقال بعض أصحابنا: على عكس هذا، وهو أنه أن ثبت بالبينة لا يقام الحد إلا في هواء معتدل بخلاف الإقرار والفرق أن المقر هتك حرمة نفسه وأظهر الزنا الذي كان مندوبًا إلى ستره فغلط عليه وإقامة الحد في جميع الأوقات بخلاف ما لو أقيم عليه البينة وهذا ليس بشيء، وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>