القفال: نص الشافعي بالإقرار أنه يؤخر وقاس بعض أصحابنا: عليه امتناعها من اللعان [١١٠/ أ] وفرق بعض أصحابنا بينهما وهو أنه يستحب له الرجوع عن الإقرار، وإن كانت صادقة في إقرارها فنحن وإن حملنا الأمر على الصدق فالتوهم باق وهاهنا وإن كانت محقة في امتناعها من اللعان فلا يندب ولا يباح لها أن تلاعن لأنها مبطلة في اللعان فلهذا لا يؤخر عن الحر والبرد وأسباب التلف وهذا كما أن رجوع الشهود عن الشهادة موهوم غير أن الظاهر أنهم صادقون ومع الصدق لا يرجعون فلا يؤخر هناك وهذا أيضًا ضعيف بخلاف ظاهر نص الشافعي وأما قطع الطرف في القصاص من أصحابنا من قال: نص الشافعي على أنه لا يقطع في شدة الحر والبرد ويؤخر القطع في السرقة بحيث أن تكون مثله، وقال الداركي: يقطع في الحال لأن قطع الطرف يقضي إلى التلف في الغالب فإذا أذن فيه مع الخوف من التلف استوفي الأحوال كلها في استيفائه.
مسألة: قال: "وقالَ بعضُ لا يلاعنُ بحملِ لعله ربحِ".
أراد به أبا حنيفة حيث قال: لا يجوز نفي تحمل بحال على ما ذكرنا من مذهبه ودليلنا على فساده، واحتج عليه الشافعي هاهنا فقال له: أرأيت لو أحاط العلم بأن ليس حمل أم يلاعن بالقذف قال: بلى، قيل: فلم لا تلاعن مكانه وهذا إلزام مختصر ومعناه أنه لو كانت حاملاً بحيث نعلم يقينًا أن لا حمل بها وقذفها جاز له ملاعنتها وقطع فراشها فإذا بان لها حمل فلم لا تلاعنها مكانه فإن قلت: لا يلاعنها حتى تصنع فهذا محال لأنه متى جاز له اللعان ولا حمل بها لأن القذف موجود وجب أن يجوز اللعان وبه حمل لأن القذف موجود، وإن قلت له أن يلاعنها في الحال ويقطع فراشها لكان له نفي الولد [٢١٠/ ب] لأن الولد للفراش والوقت الصالح لنفي الفراش صالح لنفي الولد.
مسألة: قال: "وزعمَ يعني أبا حنيفَة لو جامعهَا وهوَ يعلمُ بحملهَا فلمَا وضعتْ تركهَا تسعًا وثلاثينَ ليلةٌ وهي في الدم معهُ في مقرِّ لهُ ثمَّ نفي الولد كان ذلكَ له".
الفصل
قد ذكرنا أنه يصح نفي الحمل باللعان خلافًا لأبي حنيفة فإن لم ينفه وتركه لم يلزمه لأن تركه محتمل أن يكون لأنه تحقق وجوده، وذكر الإمام الجوينى في "المنهاج" أنه لو أحاط عنه بالحمل فسكت ولم ينف ليس له النفي بعده خلافًا لأبي حنيفة لأن يكون سكوته دليل على رضاه به، وهذا محتمل إذا قال: اعلم أن بها حملاً وإذا أنفي الآن أو سكت، وإذا وضعت وعلم وأمكنه نفيه فلم ينف لزمه نسبه عندنا وليس له فيه بعدها لأنه على النور وفيه قول آخر للشافعي: أنه تمهل ثلاثة أيام وقال أبو حنيفة: له أن