للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يؤخر النفي يومًا أو يومين استحبابًا، وروي عنه ثلاثة أيام كما قلنا في أحد القولين وقال أبو يوسف ومحمد: له نفيه في مدة النفاس إلى أربعين يومًا؛ لأن أيام دم إبقائه لحالة الولادة. وقال عطاء ومجاهد: له نفيه أبدًا ما لم يغربه وهذا كله غلط؛ لأنه خيار بالاحتجاج في مسألة الحمل واللعان عليه، فقال: قد ترك أبو حنيفة ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم بين العجلاني وامرأته وهي حامل من اللعان فخالف السنة بمنع اللعان على الحمل ثم ألزمه فساد مذهبه في المسألة الأخرى فقال: ولو لم يكن كما قلنا سنة كان قد جعل السكات [٢١١/ أ] في معرفة الشيء في معنى الإقرار، فزعم في الشفعة إذا علم فسكت فهو إقرارٌ بالتسليم، وفي العبد يشتريه إذا استخدمه رضا بالعيب ولم يكلم فحيث شاء جعله رضا، ثم جاء إلى الأشبه بالرضا والإقرار وهو نسب هذا الولد فجعله رضا، ثم ذهب في ذلك إلى تقدير الأصل له، فجعل ممته إلى أربعين ليلة إقرارًا بنسبه وأباه في تسع وثلاثين ليلةً، فما الفرق بين الصمتين؟ ومقصود مناقضة قوله حيث جعل السكوت رضا في الشفعة والرد بالعيب ولم يجعله رضا فيما الأولى بالاحتياط فيه وهو النسب، ولم يقدر في الشفعة والرد بالعيب بثلاثة أيام وقدر هنا بأربعين يومًا، وهذه مناقضة ظاهرة.

واعلم أن مذهب أبى حنيفة خلاف ما ظنه الشافعي على ما ذكرنا. وقيل: علم هو مذهب أبي حنيفة وهذه المناظرة مع أبي يوسف.

مسألة: قال: "وزعم بأنهن استدل بأن الله عز وجل لما أوجب على الزوج الشهادة ليخرج بها من الحد، فإذا لم يخرج من معنى القذف لزمه الحد قيل له، وكذلك كل من أحلفته ليخرج من شيء فلم يحلف حكمت عليه بذلك الشيء إما في مال أو غضب أو جرح عمد، قال: نعم، فقلت: فلم لم تقل ذلك في المرأة أنك تحلفا لتخرج من الحذ".

الفصل

اعلم أن الشافعي رجع إلى المناظرة في مسألة سبقت في هذا الباب، وهي أن الزوج إذا لاعن ونكلت عن اللعان فعليها حد ذكرها خلافًا لأبي حنيفة، واختلفوا في الزوج إذا نكل عن اللعان، فمنهم من قال: لا يلزمه الحد [٢١١/ ب] بل يحبس ليلاعن، وهذا هو المشهور من مذهبه. ومنهم من سلم أن الزوج يحدن والشافعي حكي له هذا المذهب، واستدل عليه بما ذكر ورجح أحد المذهبين لهم، فقال: وليس في التنزيل أن الزوج يدرأ باللعان حدًا كما في التنزيل أن المرأة تدرأ باللعان حدًا، ثم حددت الزوج إذا نكل فأولى أن تحدها إذا نكلت، واحتج على بطلان الحبس فقال: "لها أن تقول:

<<  <  ج: ص:  >  >>