للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عنه أنه قال بمشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتيل أبي قتادة حين أخذ سلبه غيره: لاها الله إذن تعمد إلى أسد من أسد الله يعطيك سلبه، فكانت يمينًا وإن لم يرد اليمين، أو لم تكن له إرادة، فليس بيمين لعدم عرف الشرع والاستعمال فيه.

مسألة:

قَالَ الشَّافِعِيُّ: "وَلَوْ قَالَ حَقِّ اللَّهِ أَوْ وَعَظَمَتِهِ أَوْ وَجَلاَلِ اللَّهِ أَوْ وَقُدْرَةِ اللَّهِ فَذَلِكَ كُلُّهُ يَمِينٌ نَوَى بِهَا يَمِينًا أَوْ لاَ نِيَّة لَهُ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ يَمِينًا فَلَيْسَتْ بِيَمِينٍ لأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَقُولَ: وَحَقِّ اللَّهِ وَاجِبٌ وَقُدْرَةُ اللَّهِ مَاضِيَةٌ لاَ أنَّهُ يَمِينٌ".

قال في الحاوي: ذكر الشافعي ها هنا إذا حلف بأربعة أشياء ب "حق الله" و"عظمة الله"، و"جلال الله"، و"قدرة الله".

فأما عظمة الله وجلال الله فهو يمين في الأحوال الثلاثة، سواء أراد به اليمين أو لم يرد لأنها من صفات ذاته المحضة، فلم يعتبر فيها عرف شرع ولا استعمال وإن كان عرف الاستعمال فيها موجودًا، وإنما يعتبر العرفان فيما كان من الصفات محتملاً، ولا يعتبر فيما زال عنه الاحتمال.

وأما قوله: وحق الله، وقدرة الله، فتكون يمينًا في حالتين من ثلاث إذا أراد اليمين وإذا أطلق. وقال أبو حنيفة إذا قال: وحق الله لا تكون يمينًا في الأحوال كلها سواء أراد به اليمين أو لم يرد، لأن حقوق الله تعالى فروضه وعباداته، لرواية عبادة ابن الصامت قال: قلت يا رسول الله؟ وما حق الله على عباده؟ فقال: "أن لا تشركوا به شيئًا وتعبدوه وتقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة". ودليلنا شيئان:

أحدهما: أنها يمين معتادة بصفة عامة أضيفت آلي الله تعالى، فوجب أن تكون يمينًا كصفات ذاته من العظمة والعزة.

والثاني: أنها يمين مستحقة من صفات ذاته، فجرى عليها حكم صفات الذوات.

وأما الخبر فلا دليل فيه، لأنه بين بعض حقوقه، وقد تحتمل العبادات، وتحتمل صفات الذات، فجاز أن تعتبر فيه الإرادة بحمله على أحدهما.

وأما إذا أراد غير اليمين، فقد قال الشافعي: "يعمل على إرادته" فلا تكون يمينًا لما علل به من جواز أن يريد. وحق اله واجب وقدرة الله ماضية، فاختلف أصحابنا فيه على ثلاثة أوجه:

أحدها: أن لا تكون يمينًا على ما أجاب به الشافعي، وعلل به.

والثاني: وهو قول أبي إسحاق المروزي، أنه لا تكون يمينًا في حقوق الله تعالى، وتكون يمينًا في حقوق الآدميين.

<<  <  ج: ص:  >  >>