للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أن يعلم أن زيداً لم يشأ فاليمين منعقدة لعدم الشرط في رفعها، والدخول شرط في البر فيكون الحالف حانثاً، بترك الدخول لإخلاله بشرط البر.

والثالث: أن تخفي مشيئة زيد، فلم يعلم هل شاء أو لم يشأ، فقد نص الشافعي في هذه المسألة على أن الحالف يحنث بشرط الدخول، فجعل الشك في المشيئة موجباً لسقوطها، وجعل اليمين على انعقادها فأوقع الحنث فيها، ونقل الربيع في كتاب الأم عن الشافعي في مسألة أخرى ضد هذا الجواب مع وجوب اشتراكهما فيه، وهو إذا قال الحالف: والله لا دخلت هذه الدار في يومي هذا إلا أن يشاء زيد فدخلها في يومه، ولم يعلم مشيئة زيد لم يحنث وهماً في حكم المشيئة سواء، وإن اختلفا في الصورة، لأن اليمين في المسألة الأولى معقودة على دخول الدار، وفي المسألة الثانية معقودة على ترك دخولها، ومشيئة زيد في المسألتين جميعاً رافعة لعقد اليمين، وقد جعل الشك في مشيئة زيد رافعاً لليمين في المسألة الثانية، ولم يجعل الشك فيها رافعاً لليمين في المسألة الأولى، ولولا أن الربيع علل جواب المسألة الثانية أنه لا يحنث لجواز أن يكون زيد قد شاء فلا يحنث بالشك، فجاز أن ينسب الربيع إلى الوهم، أو ينسب الكاتب إلى الغلط، فاختلف أصحابنا في اختلاف هذين الجوابين مع اتفاقهم على استواء البر والحنث في المسألتين على وجهين:

أحدهما: أن خرجوا جواب كل واحدة من المسألتين إلى الأخرى وحملوهما على قولين:

أحدهما: يحنث بالشك في مشيئة زيد إثباتاً لعقد اليمين في المسألتين لأن الشك في صحة الاستثناء يوجب سقوط حكمه.

والثاني: لا يحنث بالشك في مشيئة زيد إثباتاً لصحة الاستثناء في المسألتين؛ لأن الشك في كفارة الحنث توجب سقوطها استصحاباً بالبراءة الذمة فهذا أحد وجهي أصحابنا.

والثاني: وقد حكاه أبو إسحاق المروزي، وأبو علي بن أبي هريرة ليس اختلاف الجوابين على اختلاف قولين، وإنما هو على اختلاف حالين، فحنثه الشافعي في المسألة الأولى إذا فات أن يستدرك مشيئة زيد بموته ولم يحنث في المسألة الثانية إذا أمكن استدراكها بغيبته حياً، والتوصل إلى العلم بها، والله أعلم.

فصل:

فأما المزني فإنه لما نقل في مسألة الكتاب أنه يحنث بالشك بالمشيئة قال: قد قال: خلافه في باب جامع الأيمان، والذي أشار إليه المزني في باب جامع الأيمان ليست المسألة التي حكاها الربيع في كتاب الأم، وإنما أراد ما قاله الشافعي إذا حلف ليضرب عبده مائة، فضربه بضغث يجمع شمراخ كما قال الله تعالى لأيوب حين حلف ليضرب

<<  <  ج: ص:  >  >>