قال في الحاوي: قال المزني: وصورة هذه المسألة أن يقول الحالف: والله لأدخلن هذه الدار اليوم إلا أن يشاء زيد فعين وقت دخوله في يومه فلا يبر بالدخول في غيره، وجعل مشيئة زيد استثناء فتعلق بمشيئة زيد أمران:
أحدهما: صفة مشيئته المشروطة.
والثاني: حكمها في الشرط، فأما صفة مشيئته فهو أن يشاء أن لا يدخل الحالف الدار، لأن الاستثناء ضد المستثني منه؛ لأن من حكم الاستثناء إذا عاد إلى إثبات أن يكون نفياً، وإذا عاد إلى نفي أن يكون إثباتاً، فإن قال الحالف: أردت ألا أن يشاء زيد دخولي، فلا التزام الدخول حملت المشيئة على إرادته، لاحتمالها، وإن خالفت حكم الاستثناء، وأما حكم مشيئة زيد فهو مع اليمين بعد انعقادها، فتكون مشيئة زيد رافعة لعقد يمين الحالف؛ لأنه جعلها استثناء، ولم يجعلها شرطاً، والاستثناء ينفي الإثبات ويثبت النفي، واليمين ثابتة، فكان استثنائها نفياً، فلو قال: أردت أن تكون مشيئة زيد شرطاً في إثبات اليمين لم يعمل على إرادته، لأنها تحيل حقيقة لفظه بما لا يحتمله؛ لأن قوله: إلا أن يشاء زيد ضد قوله: إن شاء زيد، فلا يجوز أن يعلق على اللفظ حكم هذه، وخالف صفة المشيئة إذا أراد خلاف إطلاقها لاحتماله، فإذا تقررت صورة المسألة، وحكم الاستثناء فيها بمشيئة زيد الرافع لعقد اليمين فلا يخلو حال الحالف من أن يوجد فيه البر أو لا يوجد، فإن كان البر منه موجوداً بدخول الدار في يومه فلا حنث عليه سواء وجدت مشيئة زيد أو لم توجد، لكن يكون دخوله بعد مشيئة زيد دخولاً بعد ارتفاع اليمين، فلا يتعلق به بر ولا حنث، ودخوله مع عدم المشيئة دخولاً يوجب البر في يمينه وإن لم يدخل الحالف الدار في يومه فقد عدم الفعل الذي يتعلق به البر، فتراعى حينئذ مشيئة زيد، هل ارتفعت اليمين بمشيئة، أو كانت على انعقادها لعدم مشيئته، ولا يخلو حال زيد فيها من ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يعلم أنه قد شاء، فاليمين، قد ارتفعت بمشيئته، فلم يحنث الحالف بترك الدخول، لارتفاع اليمين.