وهذا صحيح وهكذا الكفارةً بسبب متقدم، وهو ما سبق من اليمين؟ فلم يعتبر تعيين النيةَ فيها.
فإن قيل: النيةَ في الكفارةً أغلظ منها في الطهارةً لأنه لو نوى بطهارته أنها عن نوم فكانت عن بول أجزأه، ولو نوى بعتقه في الكفارةَ أنه عن ظهار فكان عن قتل لم يجزه فجاز أن تتغلظ الكفارة بتعين النيةَ، وإن لم تغلظ بها الطهارة.
قيل: إنما أجزأته الطهارةً ولم تجزه الكفارةَ بمعنى آخر، وهو أن الطهارةَ ترفع جميع الأحداث لأنها تتداخل؛ فكذلك أجزأت في مخالفةَ التعيين، والعتق لا يسقط جميع الكفارات، لأنها لا تتداخل، فلذلك لم تجز في مخالفةَ التعيين.
مسألة:
قال الشافعي:"ولا يجزئ كفارةً حتى يقدم النيةً قبلها أو معها".
قال في الحاوي: أما النية في دفع الزكاةَ والكفارةَ فواجبةً على ما قدمناه في الزكاةً؛ لأن دفع المال يتنوع فرضًا وتطوعًا، فافتقر الفرض إلى تمييزه بالنيةً، وله في النيةَ ثلاثةَ أحوال، تجزئةُ في إحداها ولا تجزئه في الآخر، ومختلف في إجزائه في الثالث، فأما ما تجزئه فهو أن ينوي عند دفعها فيجزئ؛ لأن أغلظ أحوال النيةً أن يكون مع الفعل، وأما ما لا يجزئ فهو أن ينوي قبل عزلها من ماله، لأنها تجردت عن الفعل، فكانت قصدًا ولم تكن نيةً، وأما المختلف فيه فهو أن ينوي عند عزلها من ماله وقبل دفعها ففي إجرائها وجهان:
أحدهما: تجزئ وإن لم تجزئ مثله في الصلاةً، وهو الظاهر من كلام الشافعي حتى يقدم النيةَ قبلها، لأن الاستنابة في دفعها يصح، ولا يمكن المستنيب أن ينوي مع الدفع، فأجزأته النيةَ مع العزل، وخالفت الصلاةَ التي لا يجوز الاستنابة فيها، فلزم أن تكون النيةً مقارنةً لأولها وجرت الضرورة مجرى الصيام الذي تجزئ النيةً فيه قبل دخوله للضرورةً عند تعذرها مع دخوله.
والثاني: لا يجزئه لبقائها مع القود على ملكه فأشبه النية قبل عزله، وتأول من قال بهذا الوجه قول الشافعي حتى يقدم النيةَ قبلها، أو معها بتأويلين:
أحدهما: أن ينوي قبلها إذا استصحب النيةَ إلى دفعها.