قال في الحاوي: وهو كما قال: إذا وجب عليه الكفارةَ فكفر عنه رجل بأمره فهو على ضربين:
أحدهما: أن يكون مال التكفير للآمر، فيكون المأمور هاهنا وكيلًا للآمر في إخراج الكفارةً، وهذا متفق على جوازه لجواز النيابةً في التكفير، لأن مقصودها المال والعمل تبع، فأجريت مجرى حقوق الأموال، وتكون النيةً في إخراجها مستحقةً، لما تضمنها من العبادةً، وللآمر والمأمور فيها أربعة أحوال:
أحدها: أن ينوي الآمر عند أمره وينوي المأمور عند دفعه، فهذا أكمل أموال الجواز.
والثاني: أن لا ينوي واحد منها فلا يجزئ المخرج عتقًا كان أو إطعامًا لعدم الشرط المستحق في الإجراء ولا يضمنه المأمور، ويكون متطوعًا في الأمر.
والثالث: أن ينوي المأمور عند دفعه، ولا ينوي الآمر عند أمره، فهنا أجزيء لأن اقتران النية بالدفع أصح.
والرابع: آن ينوي الآمر عند آمره، ولا ينوي المأمور عند دفعه، ففي إجرائه وجهان على ما مضى من وجوب اعتباره النيةَ عند العزل والدفع، فإن آمره أن يكفر عنه بنوع فعدل إلى غيره كان المأمور ضامنًا لما كفر به سواء عدل عن الأدنى إلى الأعلى كعدوله عن الإطعام إلى العتق، أو عدل عن الأعلى إلى الأدنى، كعدوله عن العتق إلى الإطعام، لأن المأمور مقصور التصرف على ما تضمنه الأمر، وإن أطلق الآمر الإذن للمأمور في التكفير ولم يعين له على جنس ما يكفر به لم تخل الكفارةً من أن تكون كفارةً تربب كالقتل والظهار، فإطلاق إذن الآمر يوجب حمله على اعتبار حاله، فإن كان من أهل العتق أوجب إطلاق إذنه أن يعتق عنه، وإن أطعم ضمن ولم يجزه، وإن كان من أهل الإطعام أوجب إطلاق إذنه آن يطعم، عنه، وإن أعتق لم ينفذ عتقه، ولم يضمن بخلاف المال الذي قد ملكه المعطى، فضمنه المعطى وإن كانت كفارةً لحنث مثل كفارةَ الأيمان، فإن كفر المأمور بأقل الأجناس ثمنًا، فكفر بالإطعام دون العتق أجزأه سواء كان موجودًا في ماله أو غير موجود، وإن كفر بأكثر الأجناس ثمنًا فكفر بالعتق دون الإطعام، فلا يخلو مال الآمر من أربعة أحوال:
أحدها: أن يوجد في ملكه للأدنى من الإطعام، ولا يوجد فيه الأعلى من العتق فيصير المأمور بعد عدوله إلى العتق من غير ملكه خارجًا من حكم الأذى، فلا يجزئ العتق، ويكون عن المأمور دون الآمر، والكفارةَ باقيةً في ذمةُ الآمر.
والثانية: أن يوجد في ملكهِ الأعلى على العتق، ولا يوجد في الأدنى من الطعام