الحالف لم يبر، لأنه أضاف الفعل إلى المحلوف عليه إلى نفسه وفرق بين هذين وبين المساكنة، وهذا وإن كان له وجه فهو ضعيف والصحيح أنه يبر في هذه المسائل الثلاث بخروج أحدهما، لأن اليمين معها معقودة على الإجماع فيها، وبخروج أحدهما يزول الاجتماع، فوجب أن يقع له البر، والله أعلم.
فصل:
ولو قال: والله لا سكنت زيدًا وعمرًا بر بخروج أحدهما.
ولو قال: والله لا ساكنت زيدًا، ولا عمرًا، لم يبر بخروج أحدهما، لأن كل واحد منهما محلوف عليه، وكان بره بخروجه دونهما، أو بخروجهما معًا دونه، وفي الأولى يبر بخروجه، أو بخروج أحدهما لأن يمينه في الأولى معقودة على الاجتماع، وفي الثانية معقودة على الإفراد والله أعلم.
قال في الحاوي: وهذا كما قال، إذا حلف لا يساكنه، وقد جمعتهما دار واحدة لم يخل حالهما في وقت اليمين من أن يكونا مجتمعين أو غير مجتمعين، فإن لم يكونا مجتمعين وكانا خارجين، أو أحدهما فقسمت الدار بينهما بحائط بنى في وسطها، وسكن كل واحد منهما أحد الجانبين بباب مفرد، يدخل ويخرج منه، بر في يمينه، وليست هذه مساكنة، وإنما هي مجاورة، وإن كانا في وقت اليمين مجتمعين فشرعا في بناء حائط بينهما، حنث، لأنها قبل كمال ما يقع بينهما متساكنان ولو كان في الدار حجرة، فسكن أحدهما في الحجرة، والآخر في الدار نظر فإن كان باب الحجرة إلى الدار، حنث لأنهما متساكنان، وإن انفردت الحجرة بباب غير باب الدار نظر، فإن كان بابها إلى الدار مسدودًا بر، وإن كان بابها إلى الدار مفتوحًا حنث، ولو كان في الدار حجرتان فسكن كل واحد منهما في إحدى الحجرتين، فإن لم تكن الدار مع واحد منهما بر، وإن كان باب كل واحد منهما إلى الدار صارت كالخان الذي فيه حجر فلا يحنث إذا سكن كل واحد منهما