كلما خرجت بغير إذني، فانعقد على كل مرة.
ألا تراه لو قال لها: إن خرجت بإذني، فأنت طالق، انعقدت على مرة، ولو قال: كلما خرجت بإذني فأنت طالق، انعقدت على مرة، ولو قال: كلما خرجت بإذني انعقدت على التكرار وما انعقدت عليه اليمين سواء في البر والحنث في التكرار والانفراد، لأن عقدها إن قابلت مقتضاها كان حكمها مقصورًا عليه.
وتحريره قياسًا: أن ما انعقدت عليه اليمين وجب أن يستوي فيه البر والحنث، قياسًا على تعليق الطلاق بالإذن، تسوية بين الإثبات والنفي فأما الجواب عن استدلالهم بقوله: إن خرجت إلا راكبة، فهو أن هذا تعليق طلاق بصفة، وهي خروجها ماشية، فوقع بوجود الصفة، وليست يمينًا توجب منعًا، وتمكينًا، فافترقا.
وأما الجواب عن اجتماعهم بامتداد البر في المقام إلى الموت، وتوقيت الحنث بالخروج، فهو أن المقام في منزلها ترك مطلق، فحمل على التأبيد في البر، والخروج فعل مقيد بوقته، فتقدر به البر والحنث، فوجب أن يكون البر فيه مساويًا للحنث.
فصل:
ويتفرع على ما قدمناه أن يقول لها: إن خرجت إلى غير الحمام بغير إذني، فأنت طالق، فخروجها إلى الحمام مستثنى من يمينه، لأنه لا يفتقر إلى إذن، ولم يتعلق به بر ولا حنث، فاليمين منعقدة على خروجها إلى غير الحمام، فإن خرجت إليه بغير إذنه حنث وسقطت اليمين فإن خرجت إليه بإذنه بر، وانحلت اليمين.
فإذا كان كذلك لم يحل خروجها بغير إذن، إذا جمعت فيه بين الحمام وغير الحمام من ثلاث أضرب:
أحدها: أن تخرج إلى الحمام، ثم تعدل إلى غير الحمام، فلا حنث عليه اعتبارًا بقصد الخروج أنه كان إلى الحمام.
والثاني: أن تخرج إلى غير الحمام، ثم يعدل إلى الحمام، فيحنث اعتبارًا بقصد الخروج أنه كان إلى غير الحمام.
والثالث: أن تخرج جامعه في قصدها بين الحمام وغير الحمام، فيحنث، لأن خروجها إلى غير الحمام موجود، فلم يمنع اقترانه بالخروج إلى الحمام من وقوع الحنث به.
ووهم أبو حامد الإسفراييني، فقال: لا يحنث به تغليبًا لما لا يوجب الحنث على ما يوجبه، والله فيه واضح، لما عللناه.
ألا تراه لو قال لها: إن كلمت زيدًا، فأنت طالق، فكلمت زيدًا وعمرًا معًا طلقت، ولم يمنع كلامها لعمرو من وقوع الطلاق بكلامها لزيد؟!