فأما الإذن، فقد يكون تارة بالقول، وتارة بالكناية، وتارة بالرسالة، وتارة بالإشارة وجميعه يكون إذنًا اعتبارًا بالعرف فيه.
وسواء ابتدأ الزوج بالإذن أو سألته، فأذن. فإن استأذنته وأمسك، فلم يكن منه إذن ولا منع، لم يكن السكوت إذنًا إلا أن تقترن به إشارة، فتصير الإشارة إذنًا.
فإن أذن لها، ثم رجع في إذنه، لم يسقط حكم الإذن برجوعه، لأن شرط البر وجود الإذن، وليس بقاؤه عليه شرطًا فيه، وسواء كان رجوعه قبل الخروج أو بعده.
فإن شرط إذنًا باقيًا، فرجع فيه حنث إن كان رجوعه قبل الخروج، ولم يحنث إن كان رجوعه بعد الخروج.
ولو شرط في يمينه أن يكون خروجها بإذن غيره، اعتبر إذن ذلك الغير دون الحالف، ولو شرط إذنهما معًا حنث بخروجها عن إذن أحدهما، فإن أذن للغير أن يأذن لها، فعلى ثلاثة أضرب:
أحدها: أن يقول: ائذن لها عن نفسك، فلا يجزئ في البر أن يأذن لها الغير، حتى يأذن معه الحالف، فإن أذن الغير، ولم يأذن الحالف حنث.
والثاني: أن يقول: ائذن لها عني، فقد صار في الإذن نائبًا عن الحالف، فيحتاج الغير أن يأذن لها إذنين.
أحدهما: عن نفسه.
والثاني: عن الحالف.
فإذا جمع بين الإذنين بر الحالف، وإن اقتصر على أحدهما حنث.
والثالث: أن يطلق إذنه للغير، فيسأل عنه الحالف. فإذا أراد به أحد الأمرين عمل عليه، وكان حكمه على ما قدمناه من الضربين، فإن فات سؤال الحالف عنه الغيبة طالت نظر، حال ذلك الغير مع الحالف.
فإن كان ممن جرت عادته أن يأمره وينهاه، صار هذا الإذن له أمرًا، فيكون إذنًا عن الحالف، فيصير كالضرب الثاني.
وإن لم تجر عادته بأمره ونهيه صار مثل هذا الإذن طلبًا، فيكون إذنًا عن الغير، فيصير كالضرب الأول اعتبارًا بالعرف والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي: "ولو أذن لها وأشهد على ذلك فخرجت لم يحنث لأنه قد أذن لها وإن لم تعلم كما لو كان عليه حق لرجل فغاب أو مات فجعله صاحب الحق في حل