غيره لم يصح، دل على خروجه من حقوق الإذن، وصح بمجرد القول.
والثالث: أنه قد حظر الخروج عليها باليمين، وأباحها الخروج بالإذن، فصار عقدها جامعًا بين حظر وإباحة، والاستباحة، إذا صادفت إباحة لم يعلم بها المستبيح جرى عليها حكم الإباحة دون الحظر، كمن استباح مال رجل قد أباح له، وهو لا يعلم بإباحته، جرى على المال المبتدئ حكم الإباحة اعتبارًا بالمبيح، ولم يجز عليه الحظر اعتبارًا بالمستبيح.
كذلك حكم هذه الخروج.
وتحريره: أنها استباحة بعد إباحة، فلم يكن فقد العلم بها مؤثرًا في حكمها كالمال.
والرابع: أنها لا تعلم بإذنه، لبعدها تارة، ولنومها أخرى، وقد وافقوا أنه لو أذن لها، وهي نائمة، فخرجت غير عالمة بإذنه لم يحنث، كذلك إذا أذن لها، وهي بعيدة، فلم تعد تعلم بإذنه حتى خرجت وجب أن لا يحنث.
وتحريره: أنها يمين تعلق البر فيها بالإذن، فوجب أن لا يكون عدم العلم به موجبًا للحنث، كالنائمة والناسية.
وأما الجواب عن استدلالهم الأول، بأن الإذن يتضمن الإعلام استشهادًا بما ذكروه، فمن وجهين:
أحدهما: أن الإعلام، هو الإيذان دون الإذن، وفرق بين الإذن والإيذان.
والثاني: أن الإذن لو اقتضى الإعلام، لاختص به الإذن دون غيره، وهو لا يختص به، فلم يكن من شرط إذنه.
وأما الجواب عن استدلالهم الثاني في النسخ، فهو أن في اعتبار العلم به وجهين:
أحدهما: أن النسخ يلزم مع عدم العلم به كالإذن، فلم يكن فيه دليل.
والثاني: أنه لا يلزم إلا بعد العلم به، كأهل قباء حين استداروا في صلاتهم، وبنوا على ما قتدم قبل علمهم بنسخ بيت المقدس بالكعبة.
فعلى هذا أن الفرق بينهما أن النسخ مختص بالتعبد الشرعي، فلم يلزم إلا بعد العلم به، لوجوب إبلاغه، والإذن رافع للمنع، فصار مرتفعًا قبل العلم به.
وأما الجواب عن استدلالهم الثالث بأن اشتراط الإذن يقتضي خروجًا تكون فيه مطيعة، فهو انتقاضة بخروجها إن كانت ناسية لإذنه، أو كانت نائمة عند إذنه هي قاصدة لمعصيته ولا يحنث به.
وأما الجواب عن استدلالهم الثالث بأن اشتراط الإذن يقتضي خروجًا تكون فيه مطيعة، فهو انتقاضه بخروجها إن كانت ناسية لإذنه، أو كانت نائمة عند إذنه هي قاصدة لمعصيته ولا يحنث به.
وأما الجواب عن استدلالهم الرابع بالمتكلم، فهو فساد الجمع بينهما، لأن المعتبر في كلام الغير الاستماع دون الإعلام والسماع، وهم يعتبرون في الإذن الإعلام دون السماع والاستماع، ففسد الجمع بينهما مع اختلاف مقصودهما.