للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل

اعلم أنه إذا حلف لا يشرب سويقًا فإن شربه خلطه بالماء وتحساه حنث به، وإن استفه يابسًا لم يحنث؛ لأنه ليس بشربٍ. وإن حلف لا يأكل خبزًا فأكله بأن مضغه وابتلعه حنث، وإن جعله فيتًا وبله بالماء وتحساه لا يحنث؛ لأنه شرب وليس بأكل، والتعليل في ذلك أن الأفعال أجناس مختلفة كما أن الأعيان أجناس مختلفة، ثم علق يمينه على يمين من الأعيان لم تتعلق اليمين بغيرها، فكذلك إذا علقه على فعلٍ لا يتعلق بغيره. وقول الشافعي رضي الله عنه: "فماثه" في الماء، أي ميَّثَه، يقال: ماثه وميَّثه.

فرع آخر

لو حلف لا يشرب سويقًا فذاقه بلسانه لا يحنث؛ لأن الذوق ليس بأكل ولا شرب وإن دخل بطنه.

فرع آخر

لو حلف لا يذوق فأكل وشرب حنث؛ لأن الأكل والشرب يتضمنان الذوق. وقال بعض أصحابنا: يحتمل أنه إذا شرب لا يحنث؛ لأن الشرب غير الذوق.

وقال القفال: فيهما وجهان، وعند أبي حنيفة لا يحنث.

فرع آخر

لو حلف لا يذوق شيئًا فأخذه بقيه فمضغه بفيه فمضغه ثم لفظه ولم يصل إلى جوفه هل يحنث؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا يحنث، كما لا يفطر به الصائم، ولا يقال: ذاق الشيء حتى يصل إلى حلقه [٥/ ب].

والثاني: يحنث، وهو الأصح؛ لأن اسم الذوق يقع عليه وإن لم يصل إلى جوفه، فإنه عبارة عن معرفة طعم الشيء بلهواته وقد وجد ذلك، وهو قول عامة أصحابنا.

فرع آخر

لو قال لا أطعم شيئًا حنث بالأكل والشرب، وكذلك إذا قال بالفارسية؛ لأن الطعم اسم جامع لهما.

فرع آخر

لو حلف لا يتطعم هذا العام، فالتطعم معرفة طعمه بلسانه، فلا يعتبر فيه وصول شيء إلى جوفه، فمتى عرف طعمه حنث، ولو قال لا أطعم الطعام لم يحنث بتطعمه للفرق بين الطعم والتطعم، فإن الطعم أن يصير طعامًا له، والتطعم أن يعرف طعمه.

فرع آخر

لو أوجر الطعام بقمع في حلقه ولم يدر في لهوات فمه حتى وصل إلى جوفه، فإن كانت يمينه على الأكل والشرب والذوق والتطعم لا يحنث لعدم شرطها، وإن كانت على أن لا أطعم حنث؛ لأنه قد وصل إلى جوفه ما صار طعامًا له.

<<  <  ج: ص:  >  >>