قال بعض أصحابنا بخراسان: لو حلف لا يأكل السكر فمضغه حنث. ولو أمسكه في فيه فذاب ودخل جوفه لا يحنث؛ لأنه يشترط في الأكل المضغ حتى يحنث، وعندي أنه يحنث به؛ لأنه يقال: أكل السكر وإن ذاب في حلقه.
فرع آخر
لو قال: لا ابتلعت هذا التفاح أو شيئًا آخر فمضغه ثم ابتلعه لم يحنث. ولو قال: لا أكلته فابتلعه لم يحنث ما لم يزدرده.
فرع آخر
لو قال: لا وطئتك فأتاها في دبرها حنث؛ لأنه يسمى وطئًا، ذكره بعض أصحابنا، وذكر في "الحاوي" أنه لا يحنث؛ لأن جنسه لا يباح.
فرع آخر
لو قال: لا تناولت دواء فتناول السكر بغير علة لم يحنث، وإن تداوى به حنث، كما لو قال: لا تداويت فاحتجم لعلةٍ حنث، وإن كان لغير علة لم يحنث.
[٦/ أ] مسألة: قال: "ولو حلف لا يأكل سمنًا فأكله بالخبز أو بالعصيدة".
الفصل
السمن على ضربين؛ جامد ومائع. فأما الجامد فأكله أن يمضغه، فإذا قال: لا آكل سمنًا فأكله هكذا حنث، وإن أكله بالخبز قال الشافعي رضي الله عنه وعامة أصحابنا: يحنث؛ لأنه أكله مع الخبز، يقال: أكل الخبز وأكل السمن، فقد وجد المحلوف عليه وزيادة فيحنث به. وقال أبو يوسف: لا يحنث به؛ لأنه لم يأكله وحده، بل أكله مع غيره فصار كما لو قال: لا آكل من طعام اشتراه زيد فاشتراه زيد وعمرو فأكل منه لم يحنث، وبه قال الإصطخري من أصحابنا وهذا غلط؛ لأن هناك ما أكل ما اشتراه المحلوف عليه خاصة، وهاهنا أكل المحلوف عليه حقيقة فوزانه أنه إذا حلف لا يأكل طعامًا اشتراه زيد فاشترى زيد طعامًا واشترى عمرو طعامًا فخلطهما وأكلهما حنث، وإن أذابه أو كان مائعًا فشربه لم يحنث؛ لأنه ليس بأكل، وإن أكله بالخبز حنث خلافًا للإصطخري فإنه قال: لا يحنث إذا أكله مع غيره.
وقال في "الحاوي": إذا أكله مع غيره من خبز أو سويق فيه ثلاثة أوجه؛ أحدها: ما ذكرنا أولاً وهو المذهب، سواء كان جامدًا أو ذائبًا.
والثاني: ما قاله الأصطخري.
والثالث: ما قاله أبو إسحاق: إن كان جامدًا لم يحنث بأكله مع غيره؛ لأنه يقدر على أكل الجامد منفردًا، ولا يقدر على أكل الذائب إلا مع غيره. وكذلك لو حلف لا يأكل عسلاً أو دبسًا؛ لأنهما يجمدان تارةً ويذوبان أخرى. وكذلك لو حلف لا يأكل.