للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لبنًا فأكله بغيره أو طبخه مع غيره.

فرع

لو أكله بعصيدة، قال الشافعي رضي الله عنه: يحنث. قال بعض أصحابنا: أراد به أن يعصده في خبز ويأكله، فأما إذا طبخ عصيدة فأكلها لا يحنث؛ لأنه لا يقال له: أكل سمنًا [٦/ ب] وإنما له أكل عصيدة أو خبيصًا أو غير ذلك. ومن أصحابنا من قال: أراد به العصيدة المعروفة وهي الفالوذج وغير ذلك مما يجعل السمن فيه، ينظر فيه فإن كان مستهلكًا لم يحنث، وإن كان غير مستهلك حتى لو انجمد تبين السمن فيه ونرى ذلك يحنث؛ لأنه قد أكل سمنًا مع عصيدة فكأنه أكله مع الخبز وهذا هو الصحيح، وهو كما قلنا في المحرم إذا أكل خبيصًا فيه زعفران ظاهرٌ يلزمه الفدية.

وأما إذا قال لا آكل خلًا فأكل مرقًا فيه خل فهي على الاختلاف الذي ذكرنا بين أصحابنا، وقد نص عليه في "الأم" فقال: "ولو قال لا آكل خلًا فأكل مرقًا فيه خل لا يحنث"؛ لأن الخل مستهلك فيه بحيث لا أثر له، فأما إذا كان لونه وطعمه قائمين فهو غير مستهلك فيجب أن يحنث. وقيل: قول الشافعي: "إلا أن يكون جامدًا" أراد به أنه إذا لم يأكله منفردًا أو أكله في العصيدة لا يحنث، وهذا التفسير غير صحيح، وإنما ذكر هذا الاستثناء آلي ذكر العرف والعادة، حيث قال: لأن السمن لا يكون ماكولًا إلا بغيره، إلا أن يكون جامدًا فيقدر على أن يأكله جامدًا منفردًا فيأكله في عادة نادرة جامدًا منفردًا، هذا معنى الاستثناء لا ما قال القائل.

فرع آخر

لو حلف لا يشرب لبنًا فخلطه بمائع، فإن كان اللبن أغلب لظهور طعمه ولونه حنث بشربه وإلا فلا يحنث.

مسألة: قال: "فَإذَا حَلَفَ لَا يَأُكُلُ هَذِهِ التَّمْرَةَ فَوَقَعَتْ فِي تَمْرٍ".

الفصل

اعلم أنه إذا حلف لا يأكل هذه التمرة بعينها فوقعت في تمر كثير فأكل، يُنظر فإن تيقن أنه أكل التمرة المحلوف عليها حنث بيقين، وإن [٧/ أ] تيقن أن التي بقيت هي المحلوف عليها لا يحنث بيقين، فإن شك فلا يدري هي الباقية أم قد أكلها؟ قال الشافعي رضي الله عنه: "لا يحنث"؛ لأن الأصل عدم الحنث حتى يتحقق ذلك، ولكن الورع أن يحنث نفسه لجواز أن يكون قد حنث. وقال في "الأم": "والورع أن لا يأكل منه شيئًا إلا حنَّث نفسه". قال أصحابنا: وإذا حنَّث نفسه خرَّج كفارة يمين، كما لو تيقن الحنث، وكذلك لو هلك تمرة واحدة منها ولا يدري أنها المحلوف عليها أولًا.

قال بعض مشايخنا بخراسان: وفي ضد هذا لو حلف أن لا يأكلها ثم وقعت في تمر، ثم استبقى واحدة أو ضاعت لم يبر؛ لأن الأصل عدم البر، واليقين لا يترك بالشك.

<<  <  ج: ص:  >  >>