والثاني: وهو الأصح أنه لا يحنث؛ لأنها لا تسمى لحمًا كما لا تسمى شحمًا.
وقال في "الحاوي": فيها ثلاثة أوجه:
أحدهما: أنه من الشحم فيحنث بها في الشحم دون اللحم.
والثاني: أنها من اللحم لاتصالها بالعظم، وهو قول البغداديين.
والثالث: وهو قول البصريين أنها ليست من اللحم ولا من الشحم؛ لأنها تتميز عن اللحم والشحم.
فرع آخر
لو حلف لا يأكل شحمًا فأكل اللحم أو البياض الذي على اللحم لا يحنث. وقال أبو حامد: لا يحنث بالألية بلا خلافٍ. وقد ذكرنا وجهًا آخر يحنث لأنه يسمى شحمًا، قال الله تعالى:{حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا}[الأنعام: ١٤٦] فاستثناه من الشحم، ودليلنا أنه لا يسمى شحمًا ولهذا لا يفرد عن اللحم ولا يسمى بائعه شحامًا، فلم يحنث به وإنما يحنث بالشحم الذي ينفرد عن اللحم وهو شحم الكُلية والكرش. وحكي عن القفال أنه قال مرة: يحنث بشحم الظهر، وقال مرة: لا يحنث فيحتمل وجهين، والصحيح عندي ما تقدم.
فرع آخر
لو أكل شحم العينين فيه وجهان؛ أحدهما: يحنث لأنه ينطلق عليه اسم الشحم.
والثاني: لا يحنث؛ لأنه لا ينطلق إلا بقرينة، فيقال: شحم العينين ولا يقال له شحم على الإطلاق، وأما الدماغ فليس بشحم ولا لحم فلا يحنث باليمين بأحدهما بلا خلاف.
فرع آخر
لو حلف لا يأكل رطبًا فأكل بسرًا لم يحنث، وكذلك إذا قال: لا آكل بسرًا فأكل رطبًا لم يحنث، ولو قال: لا آكل رطبًا ولا بسرًا فأكل طلعًا وملحًا لا يحنث؛ لأن لكل واحدٍ اسمًا ينفرد به.
فرع آخر
لو قال: لا آكل رطبًا فأكل تمرًا، أو تمرًا فأكل رطبًا لم يحنث، وحكي أن أبا حنيفة قال: إذا حلف لا يأكل تمرًا فأكل رطبًا حنث؛ لأن الرطب تمر وزيادة، ولو قال: رطبًا فأكل تمرًا لم يحنث؛ لأن التمر ليس برطبٍ وهذا لا يصح؛ لأن الرطب [٩/ ب] لا يسمى تمرًا كما لا يسمى التمر رطبًا.
فرع آخر
لو قال: لا آكل رطبًا فأكل منصفًا، فإن أكل ما ترطب منه حنث، وإن أكل الذي لم يترطب منه ل يحنث، وإن أكل الجميع حنث؛ لأنه أكل ما يسمى رطبًا، هكذا ذكره جماعة من أصحابنا. وقال بعضهم: لا يحنث؛ لأنه لا يسمى رطبًا وإنما يسمى منصفًا