والتعليل في هذين الوجهين كأن حلف من لا يأكل الرطب فأكله تمرًا على وجهين.
فرع آخر
لو مرَّ بهما في السوق فشم رائحتها، فإن حمل النسيم الرائحة حتى شمها لم يحنث، وإن اجتذب الرائحة بخياشيمه حتى شمها حنث؛ لأن شمها بهبوب النسيم ليس من فعله، وشمها باجتذاب خياشيمه من فعله، ويخالف المحرم يشم الطيب من حانوت العطار؛ لأن المحرم عليه استعمال الطيب دون الرائحة.
الأصل في هذا أن كل ما انفرد عن غيره باسمه، ففي حكم الحنث ينفرد، فإذا قال: لا آكل لحمًا فأكل اللحم الأحمر أو اللحم السمين الذي على الظهر أو الحشو حنث؛ لأنه لحم سمين، ولو أكل من شحم البطن لم يحنث. وحكي عن مالك أنه قال: يحنث وهذا خطأ؛ لأنه لا يسمى لحمًا عرفًا وعادة، فهو كما لو حلف لا يأكل الشحم لم يحنث بأكل اللحم بالإجماع.
فرع
لو حلف لا يأكل لحمًا فأكل القلب أو الكبد أو الطحال لا يحنث. وقال أبو حنيفة: يحنث بأكلها. ودليلنا أن له اسمًا آخر منفردًا، كما لو أكل الريَّة والكرش لا يحنث بالإجماع.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: لا نص فيه، وينبغي أن يحنث بالقلب لأنه لحم. وقيل: فيه وجهان، وفي الكبد والطحال لا خلاف.
فرع آخر
لو أكل من قانصة الدجاج فهو على الخلاف الذي ذكرنا في الكبد والطحال.
فرع آخر
لو أكل لحم اللسان أو لحم الخدين من الرأس يحنث لأنه لحم. وكذلك لو أكل الأكارع؛ لأنها لحم وهي اسم عضو. وقال في "الحاوي" فيه وجهان؛ أحدهما: هذا.
والثاني: لا يحنث؛ لأن اسمه مضاف، يقال: لحم اللسان، ولحم الرأس، ولا يقال له لحم على الإطلاق.
فرع آخر
لو أكل شحم العينين لا يحنث لأنه لا يسمى لحمًا.
فرع آخر
لو أكل الألية فيه وجهان:
[٩/ أ] أحدهما: يحنث؛ لأنها لا تسمى شحمًا فكانت لحمًا.