والمعين: لا كلمت زيدًا يحنث بكلامه صغيرًا أو كبيرًا.
والمطلق: أن يقول: لا شربت ماءً، فإطلاقه أن لا يذكر أنه قدرًا، ولا يعين له زمانًا ولا مكانًا، فيحنث بشربه في كل مكان وزمان إذا شربه صرفًا، فإن شربه ممزوجًا حنث ولا مكانًا، فيحنث بشربه في كل مكان وزمان إذا شربه صرفًا، فإن شربه ممزوجًا حنث إذا غلب على غيره بلونه وطعمه، وإن غلب عليه غيره بلونه وطعمه لم يحنث.
والمقيد: ثلاثة؛ مقيد بمكانٍ لا شربته بالبصرة، ومقيد بزمانٍ لا شربته اليوم، ومقيد بصفة لا شربته صرفًا فيتقيد به.
ويحنث في المبهم بالمعين ولم يحنث في المعين بالمبهم، وحنث في المطلق بالمقيد ولم يحنث في المقيد بالمطلق، لعموم المبهم والمطلق وخصوص المعين والمقيد، فإن أراد بالمبهم معينًا وبالمطلق مقيدًا حمل على إرادته لفظه، فيجعل المبهم معينًا والمطلق مقيدًا في الظاهر والباطن إن كان حالفًا بالطلاق؛ لأنه استثناء بعض ما شمله عموم الجنس، فصار بتخصيص العموم في النصوص الشرعية، فلا يحنث في إبهام قوله: لا كلمت رجلًا وقد أراد زيدًا [١٨/ ب] إلا بكلامه دون غيره من الرجال، ولا يحنث في إطلاق قوله: لا شربت ماءً وقد أراد شهرًا لا شربه فيه دون غيره من الشهور.
فأما عكس هذا إذا أراد بالمعين مبهمًا وبالمقيد مطلقًا حمل على لفظه في التعيين والتقييد ولم يحمل على إرادته في الإبهام والإطلاق؛ لأن ما تجاوز المعين والمقيد خارج عن لفظ اليمين، فصار مرادً بغير يمين فلا يحنث في تعيين قوله: لا كلمت زيدًا هذا وقد أراد كل الرجال إلا بكلام زيد وحده. ولا يحنث في تقييد قوله: لا شربت الماء في شهري هذا وقد أراد كل الشهر على الأبد ألا يشربه فيه وحده.
وشاهده من الطلاق أن يقول لامرأته: أنت طالق واحدة ويريد بها ثلاثًا لا تطلق ثلاثًا؛ لأنه قد صرح بنفيها بلفظ فلم يقع بمجرد إرادته، فافترق حكم العكس لافتراق العلتين.
وأما العام فضربان؛ أحدهما: عامُ اللفظ عام المراد ينقسم ثلاثة أقسام:
أحدها: ما كان عمومه في لفظه ومعناه، مثل قوله: والله لا كلمت الناس يحمل على كل إنسان من صغير وكبير، وعلى كل نوع من الكلام سقيم وسليم، ومثله في التنزيل قوله تعالى: {إنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [العنكبوت: ٦٢]، وقياسه بالإيمان أن يقول: لا أكلت اللحم، يحنث بكل نوع من اللحم على كل صفة من الأكل.
والثاني: ما كان عمومه في لفظه دون معناه، كقوله: والله لا أكلت الحنطة، يحنث بكل نوع من الحنطة ولا يحنث بأكل ما حدث عن الحنطة من سويق أو دقيق. وإذا قال: لا أكلت اللبن يحنث بكل نوع من اللبن ولا يحنث بما حدث من اللبن من جبن وصل [وزبد] وسمن، فيصير محمولًا على عموم لفظه دون معناه، وهذا يختص بما إذا تغير عن حاله زال عن اسمه فاجعل ذلك قياسًا مطردًا في نظائره.
والثالث: ما كان عمومه في معناه دون لفظه، مثل قوله: لا أكلت عسلًا فأكل خبيصًا فيه عسل، [١٩/ أ] ولا أكلت دقيقًا فأكل خبيصًا فيه دقيق حنث؛ لأن في الخبيص عسلًا