ودقيقًا، وكذلك السمن، وهذا يختص بما إذا حدث له اسم بالمشاركة لم يزل الاسم الخاص عن كل نوع منها؛ لأنه لا يسمى خبيصًا إلا باجتماعهما ولا يزول اسم كل نوع عنه؛ لأنه لا يقال: هذا خبيص فيه عسل وفيه دقيق وفيه سمن. فإن قيل: أليس لو قال: لا أكلت دقيقًا فأكل خبزًا حنث؟ قلنا: الفرق أنه لا يقال هذا خبز فيه دقيق، ويقال: هذا خبيص فيه دقيق، فصار اسم الدقيق في الخبيص باقيًا وفي الخبز زائلًا فافترقا.
والضرب الثاني: ما كان عام اللفظ خاص المراد، فهو ما خص عموم لفظه بسببٍ أوجب خروجه عن عموم كما خصه عموم الكتاب والسنة، وتخصيص اللفظ العام في الإيمان من خمسة أوجه أحدها: تخصيص عمومه بالمفقود.
والثاني: بالشرع.
والثالث: بالعرف.
والرابع: بالاستثناء.
والخامس: بالنية.
فأما الأول: ما امتنع استيفاء عمومه في القصد كقوله: والله لآكلنَّ الخبز، ولأشربنَّ الماء، ولأكلمنَّ الناس، ولأتصدقن على المساكين، لما امتنع أن يأكل كل الخبز، أو يشرب كل الماء، [ويكلم جميع الناس، ويتصدق على جميع المساكين] لما خص العقل عموم الجنس فتعلق البر والحنث بأكل بعضه وشرب بعضه، وكلام بعض الناس، والتصدق على بعض المساكين.
ثم هذه الأجناس ضربان [معدود وغير معدود] فغير المعدود الخبز والماء فيتعلق البر والحنث بقليله وكثيره. والمعدود كالناس والمساكين، فإن كانت يمينه على الإثبات كقوله: لأكلمنَّ الناس، ولأتصدقنَّ على المساكين لم يبر حتى يكلم ثلاثةً ويتصدق على ثلاثة اعتبارًا بأقل الجمع، وإن كانت يمينه على نفي كقوله: لا كلمت الناس ولا تصدقت على المساكين حنث بكلام واحدٍ وبالصدقة على واحدٍ اعتبارًا [١٩/ ب] بأقل العدد، والفرق أن نفي الجميع ممكن وإثبات الجميع ممتنع، فاعتبر أقل الجمع بالإثبات واعتبر أقل العدد في النفي.
وأما التخصيص بالشرع فضربان؛ تخصيص اسم وتخصيص حكم، فتخصيص الاسم كالصيام في اللغة الإمساك عن الطعام والكلام، ثم خصه الشرع بالإمساك عن الطعام والشراب في النهار فلا تنعقد يمينه إلا بالصوم الشرعي، وكذا الحج، والصلاة.
وأما تخصيص الحكم فكلحم الخنزير خص بالتحريم من عموم اللحوم المباعة، ففي تخصيص العموم به في الإيمان وجهان:
فلا يحنث إذا حلف لا يأكل لحم الخنزير، ولا يبر إذا حلف ليأكلن اللحم فأكل لحم الخنزير، ولو حلف لأوطانَّ لا يحنث بالوطء في الدبر، ولو حلف أنه لا يطأ لم يبر بالوطء