في الدبر، ويبرَّ ويحن بوطء الزنا؛ لأنه من جنس المباح، وعلى هذا لو حلف لا يتيمم لا يحمل على موضوع اللغة وهو القصد، بل يحمل على التيمم الشرعي في سفرٍ أو مرضٍ وعلى الوجه الآخر لا يتخصص عموم الإيمان بالأحكام الشرعية، لاتفاق أحكام القرآن في الحظر والإباحة اعتبارًا بما انعقدت عليه، فيحمل على عمومها فيما حل وحرم اعتبارًا بالاسم دون الحكم فيحنث في اللحم بكل لحمٍ، وفي الوطء بكل وطء.
وأما تخصيص العموم بالعرف فضربان؛ عام وخاص.
فالعام: كمن حلف لغيره لا خدمتك الليل والنهار، فيختص بالعرف من خدمة النهار زمان الأكل والشرب، والطهارة والصلاة، والاستراحة بحسب ما يخدم فيه من شاقٍ وسهلٍ، ومن خدمة الليل وقت النوم المألوف، فإن ترك الخدمة فيها لم يحنث لخروجها بالعرف من عموم يمينه، وإن ترك الخدمة في غيرها من الأوقات حنث لدخولها في عرف يمينه، ولو حلف [٢٠/ أ] لأضربنك الليل والنهار خرج بالعرف من زمان الليل والنهار ما ذكرناه، فلا يكون بترك الضرب فيها حانثًا، وخرج بالعرف من بقية الزمان في الضرب خصوصًا للوقت الذي يكون ألم الضرب فيه باقيًا، فيكون بقاء ألمه كبقاء فعله، فإن ترك ضربه مع بقاء الألم لم يحنث، وإن تركه مع زوال الألم حنث؛ لأن من دوام فعله أن يتخلله فترات من العرف، فاعتبر بدوام ألمه الحادث عنه.
ولو قال: والله لا وضعت ردائي عن عاتقي انعقدت يمينه على لبسه في زمان العرف، فإن نزعه في زمان الليل، أو في دخول الحمام، أو عند تبدله في منزله لم يحنث لخروجه بالعرف من زمان لبسه، وإن نزعه في غيره حنث لدخوله في عرف لبسها، ولو قال لغريمه: والله لا نزعت ردائي عن عاتقي أقضيك حقك حنث بنزعه قبل قضاء دينه في زمان العرف وغيره، والفرق أنه جعله في الإطلاق مقصودًا، وفي قضاء الدين شرطًا، والعرف معتبر في الإيمان دون الشرط.
وعلى هذا لو قال لغريمه: والله لا خدمتك حتى أقضيك حقك لم يحنث بترك الخدمة في زماني الاستراحة قبل القضاء؛ لأنه جعل الخدمة جزاءً ولم يجعلها شرطًا، وعلى هذا لو حلف لا يأكل الرؤوس لا يحنث بأكل رؤوس غير النعم لخروجها بالرف من عموم الاسم.
ولو حلف لا يلبس هذا القميص لا يحنث إذا ارتدى به، ولو حلف لا يلبس الخاتم لا يحنث بلبسه في الإبهام ويحنث بلبسه في الخنصر اعتبارًا بالعادة وتخصيصًا بالعرف.
وأما العرف الخاص: كقوله: لا قتلت ولا ضربت، فأمر بالقتل والضرب يحنث به الملوك دون السوقة.
ولو قال: والله لا تصدقت حنث الأغنياء بدفعها وحنث الفقراء بأخذها اعتبارًا بالعرف في الفريقين. ولو قال: والله لا طفت ولا سعيت حنث أهل مكة [٢٠/ ب] بالطواف بالبيت وبالسعي بين الصفا والمروة، وحنث غيرهم بالسعي على القدم وبالطواف في الأسواق، وحنث [أهل] الوشاة بالسعي إلى الولاة.
ولو قال: والله لا ختمت، حنث القارئ بختم القرآن، ويحنث التاجر بختم كيسه؛