لو نذر أن يقرأ القرآن جنباً هل ينعقد نذره؟ وجهان، والظاهر عندي أنه ينعقد نذره. وإذا قلنا ينعقد فإنما يقرأ القرآن بعد اغتساله لا في حال الجنابة.
فرع آخر
لو نذر صوم نصف يوم لا ينعقد نذره وهو المذهب. وقال بعض أصحابنا بخراسان: هل ينعقد نذره؟ فيه قولان؛ أحدهما: ما ذكرنا.
والثاني: ينعقد ويلزمه صوم يومٍ تامٍ. قال: هذا إذا لم يكن أكل في ذلك اليوم، فإن كان قد أكل ثم نذر يترتب على ما تقدم. فإن قلنا هناك: لا يلزمه شيء، فهاهنا أولى. وإن قلنا هناك: يلزمه صوم يوم فهاهنا وجهان. قال: وعلى هذا لو قال: عليَّ الركوع، فيه وجهان؛ أحدهما: لا يلزمه شيء. والثاني: يلزمه ركعة تامة.
فرع آخر
لو نذر أن يذبح نفسه أو ابنه أو أباه لا ينعقد، وبه قال أبو يوسف؛ لأنه تقرب بمعصية. وقال أبو حنيفة: إذا نذر ذبح نفسه أو ابنه ينعقد نذره ويلزمه ذبح شاةٍ، وبه قال محمد، وزاد على أبي حنيفة وقال: إذا نذر ذبح عبده ينعقد نذره ويلزمه شاةٌ أيضاً، وعند أبي حنيفة لا ينعقد، وعن أحمد روايتان؛ إحداهما: يلزمه ذبح شاة.
والثاني: يلزمه كفارة يمين، وروي هذا عن سعيد بن المسيب واحتجوا بما روى القاسم بن محمد أن امرأةً جاءت إلى ابن عباس - رضي الله عنهما - فقالت: يا ابن عباس، إني قد نذرت أن أنحر ابني، فقال لها: لا تنحري ابنك وكفري عن يمينك، فقال له شيخ: وكيف تكون كفارة في طاعة شيطان؟ فقال: بلى، أليس الله تعالى يقول {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم}[المجادلة: ٢] إلى آخر الآية، ثم ذكر من الكفارة ما رأيت.
وروى عن عطاء بن أبي رباح أن رجلاً أتى ابن عباس - رضي الله عنهما - فقال: إني نذرت لأنحرن نفسي [٥٠/ ب] فقال ابن عباس: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} ثم تلا قوله تعالى: {وفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ}[الصافات: ١٠٧]، وروي في هذا الخبر أنه قال: إني نذرت أن أنحر ابني، فقال هذا.
وروي عن عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال في رجل نذر أن ينحر نفسه، قال: ينحر مائة من الإبل في كل عام ثلاثاً.
قلنا: قول ابن عباس لا يكون حجة، والقياس مقدم عليه واختلفت الرواية عنه، فروي أنه قال: عليه مائة بدنة ثم قال لمسروق: ما ترى؟ قال: عليه شاة، فرجع إلى