للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله، وقال: إنَّ عليه شاة. ثم هو استجاب، أي أشكر الله تعالى إذا لم يوجب ذلك.

ثم روينا عن ابن عوف، عن رجل، أن رجلاً سأل ابن عمر - رضي الله عنهما - عن رجل نذر أن لا يكلم أخاه، فإن كلمه فهو ينحر نفسه بين المقام والركن في أيام التشريق، فقال: يا ابن أخي، أبلغ من وراءك أنه لا نذر في معصية الله عز وجل، لو نذر أن لا يصلي فصلى كان خيراً له، ولو نذر أن لا يصوم رمضان فصامه كان خيراً له، مُر صاحبك فليكفر عن يمينه وليكلم أخاه.

مسألة: قَالَ: "وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَحُجَّ عَمِي هَذَا فَحَالَ بَيْنَهُ وبَيْنَهُ عدُوٌّ".

الفصل

إذا نذر أن يحج في عامه ذلك النذر ينعقد؛ لأنه طاعة، ثم إن وجد شرائط الحج يلزمه أن يحج في عامه ذلك ويسقط عنه موجب النذر إذا فعل، وإن لم يحج نُظر، فإن مضى من الزمان قدر ما يمكنه أن يحج فلم يفعل استقر الفرض في ذمته، ولا تسقط نفقة تلك الشرائط أو بعضها. وإن مات قضي عنه، وإن نفذ هذه الشرائط أو بعضها قبل مضي زمان يمكنه الحج فيه سقط عنه حكم الحج؛ لأن فرض الحج إنما يستقر بالتمكن من أدائه، ولم يمكن هنا الأداء. ويفارق هذا [٥١/ أ] حجة الإسلام؛ لأنه متى أمكن وجب لأنها تختص بسنةٍ واحدةٍ، وهذا اختص بسنةٍ واحدةٍ فسقط عنه الفرض بالعجز عن أدائه فيها، وإن حُصِر ومنع فهذا مبني على أن من حُصِر عن حجة الإسلام ما حكمه؟ وقد ذكرنا في كتاب "الحج" أنه ينظر، فإن كان الحصر عاماً لم يستقر الفرض عليه في هذه السنة، فإن عاش إلى العام القابل أو كان واجداً للشرائط أو صُدَّ عن الطريق لم يلزمه، وإن مات لم يقض عنه، وإن أحصر حصراً خاصاً بأن يمنعه صاحب الدين أو سلطان بلده، قال الشافعي - رضي الله عنه - في كتاب "الحج": "يستقر الفرض عليه"، وقال هنا: "إِذَا حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ عَدُوٌّ أَوْ سُلْطَانٌ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ".

واختلف أصحابنا فيه على طريقين: أحدهما: قولاً واحداً يستقر عليه، والذي قال هنا أراد به إذا حصره سلطان بلده حصراً عاماً ومنعه وغيره من الحج، وهو اختيار القاضي الطبري.

والطريقة الثانية: فيه قولان؛ أحدهما: لا يستقر عليه كالحصر العام.

والثاني: يستقر عليه؛ لأن الطريق مُخلَّى، وإنما تعذر عليه أداء الحج بمعنى يختص به، فهذا حكم حجة الإسلام.

فأما المنذورة فحكمها مبني عليها، فكل موضع قلنا يستقر ذلك فكذلك المنذورة، وكل موضع قلنا لا يستقر ذلك لا تستقر المنذورة، ولا يختلفان إلا في شيء واحد، وهو ما ذكرنا أن حجة الإسلام إذا لم تجب في هذه السنة تجب في سنة أخرى عند

<<  <  ج: ص:  >  >>