إلا بحر وجهه وجبينه " وروى عن عائشة -رضي الله عنها - أنها قالت:" ويل للأمراء؛ ويل للأمناء؛ ليأتين على أحدهم يوم يود لو كان معلقاً بالثريا يتذبذب بين السماء والأرض وإنه لم يلِ أحداً ".
وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبى ذر: " يا أبا ذر أحب لك ما أحب لنفسي؛ إني أراك ضعيفاً؛ فلا تأمرن على اثنين ولا تولين مال اليتيم ". وروى ابن أبى أوفي - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "الله مع القاضي ما لم يجر؛ فإذا جار برئ الله منه ولزمه الشيطان".
وروى أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من ابتغى القضاء وسأل [٦١/ب] عنه الشفعاء وكل إلى نفسه؛ ومن أكره عليه أنزل الله -عز وجل - ملكاً يسدده ".
وحكي أن أبا هريرة -رضي الله عنه - أراد محمد بن واسع على القضاء؛ فقال: لتخليني أو لأضربنك ثلاثمائة سوط إن تفعل فسلط؛ وذليل الدنيا خير من ذليل الآخرة. وقال مكحول: لو خيرت بين القضاء والقتل لاخترت القتل.
وروى أن سفيان الثوري لقي شريك بن عبد الله - رحمة الله عليهما - بعد ما ولى القضاء بالكوفة؛ فقال: يا أبا عبد الله؛ بعد الإسلام والفقه والخير تلي القضاء وصرت قاضياً؟ فقال له شريك: يا أبا عبد الله؛ لابد للناس من قاض؛ فقال له سفيان يا أبا عبد الله؛ لابد للناس من شرطي.
قلنا: أما الأول فلم يرد به تحريم القضاء ولا كراهية فعله؛ وإنما أراد به أن من جعل قاضياً فقد حمل أمراً عظيماً؛ وتحمل المشقة كما يتحمل الذبح؛ فإن جار فيه هلك؛ وإن عدل فاز بالثواب العظيم والأجر الجسيم ويدل عليه ما ذكرنا من الأخبار والآثار.
وقال صلى الله عليه وسلم في خطبته: " أصحاب الجنة ثلاثة؛ ذو سلطان مقسط موفق؛ ورجل رحيم رقيق القلب؛ ورجل ضعيف فقير متصدق".