في مجلسٍ آخر، ويلزمه الإشهاد عليه، وهل يلزمه كتب المحضر؟ فيه وجهان. وإن نكل عن اليمين ردت اليمين على المدعي وكتب: فنكل المدعى عليه عن اليمين ورد اليمين على المدعى عليه فلان ابن فلان، فحلفه القاضي فلان ابن فلان بالله الذي لا إله إلا هو أنه يستحق عليه ما ادعاه وهو كذا وكذا، وذلك في يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا. وإن سأله أن يحكم له بذلك ويشهد على نفسه يلزمه ذلك فإنه حجة.
وإن سأله أن يكتب بالإشهاد على نفسه محضرًا هل يلزمه؟ فالحكم على ما ذكرنا إذا ثبت بالإقرار، وهذا إذا كان عنده قرطاس من بيت المال، أو أحضر المحكوم له قرطاسًا، فإن لم يكن لا يلزمه أن يكتب وجهًا واحدًا.
وقال في "الحاوي": إذا ثبت الحق بالبينة فهل يلزمه الإشهاد على نفسه صاحب الحق؟ فيه وجهان: أحدهما: لا يلزمه لأن له بالحق بينة فلم يلزم القاضي أن يجدد له بينةً، ويكون في ذلك مخيرًا.
الثاني: يلزمه كما في الإقرار؛ لأن الشهادة على نفسه مع البينة الموجودة تعديل بينته وثبوت حقه، وهذه ثلاثة أحكام لا تثبت إلا بإشهاده على نفسه.
وإن سأله أن يسجل له هل يلزمه ذلك؟ فيه وجهان؛ أحدهما لا يلزمه في المحضر.
واعلم أن المحضر حكاية الحال وما جرى بينهما من الدعوى والإقرار، [١٧٢/ ب] والإنكار، والبينة، واليمين، والنكول، ورد اليمين، والسجل تنفيذ ما ثبت عنده وإمضاء ما حكم به، فهذا فرق بين المحضر والسجل، فإن ذكر في المحضر تنفيذ الحكم جرى مجرى السجل في المعنى وإن خالف لفظه في الابتداء واستغنى به عن السجل، وإن ذكر له في السجل حكاية الحال جرى مجرى المحضر في المعنى وإن خالف لفظه في الابتداء واستغنى به عن المحضر، وإن كان الأولى أن لا يعدل بواحدٍ منهما عن موضوعه؛ لأن المقصود بالمحضر أن يتذكر أحكام ما جرى بين المتنازعين ليحكم به بموجب الشرع، والمقصود بالسجل أن يكون حجة لما نفذ به الحكم، وقد ذكرنا صفة المحضر.
وقال في "الحاوي": صفة المحضر أن يكتب: حضر القاضي فلان ابن فلان وهو يومئذ قاضي عبد الله الإمام فلان على بلد كذا في مجلس حكمه وقضائه في موضع كذا.
وقد ذكر أبو حامد أنه كان على إقرارٍ لم يذكر مجلس حكمه؛ لأنه ليس في الإقرار حكم بخلاف سماع البينة، وليس لهذا الفرق بينهما وجهٌ؛ لأن الدعوى لا يسمعها القاضي إلا في مجلس حكمه؛ لأنه يتعلق بالإقرار إلزام والإلزام حكم. ثم يذكر اسم المدعي واسم المدعى عليه وما جرى بينهما على ما ذكرنا، وفي السجل يبدأ