بالشهادة كما يبدأ في المحضر بالحضور، فيكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا أشهد عليه القاضي فلان ابن فلان، فإن كان خليفة القاضي كتب خليفة القاضي فلان ابن فلان، وإن كان من جهة الإمام كتب في مدينة كذا وهو يومئذ قاضي عبد الله فلان أمير المؤمنين عليها وعلى نواحيها، ويذكر ما في يده من الأعمال، وأرضه وقال: في يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا أنه قد ثبت عنده [٧٣/ أ] بإقرارٍ أو شهادة فلان ابن فلان، وفلان ابن فلانٍ وثبتت عدالتهما عنده فسأل فلان ابن فلان أن يحكم له فحكم له به وأنفذه وأمضاه، وأشهد على نفسه بذلك من حضره من الشهود. وإن كان الحاكم لا يعرف من يحكم عليه به فإنه يحكم على يمينه وكتب السجل على ما ذكرنا من اسمه ونسبه وحليته، ويكون الاعتماد على حكمه.
وقال ابن جرير الطبري: إذا لم يعرف اسمه ونسبه لا يكتب ذلك، وهكذا في المحضر لا يقول: ذكر أنه فلان ابن فلان؛ لأنه ربما يزور في ذلك وهذا غلط؛ لأن الاعتماد على الحلية، ولا يمكن أن يزور في الحلية ويغيرها. ثم إذا قلنا يلزمه كتب السجل له، أو قلنا لا يلزمه فكتب له ينبغي أن يكتب نسختين ويدفع إليه إحداهما تكون حجةً في يده وتكون الأخرى عند القاضي، ولا يختم النسخة التي يتركها عند نفسه ويكتب على ظهرها: خصومه فلان ابن فلان ويدعها في القمطر، والقمطر في اللغة دفتر الحساب وغيره يُصَيَّرُ ويجمع في مكانٍ واحدٍ ويعين ويشد، يقال: قمطرت الحساب قمطرةً إذا عينته وشددته، وتسمي العامة السفط الذي يجمع فيه المحاضر والسجلات قمطر، فإذا جمعها فيه ختمها بنفسه، أو قال لأمينه حتى يختمه وهو ينظر إليه، ولا يدعه يدخل يده فيه لئلا يطرح فيه شيئًا، فإذا ختمه أخذه منه ونظر فيه لئلا يختم بغير ختمه، ثم يأمر حتى يحمل إلى موضعه، فإذا كان اليوم الثاني دعا بالقمطر وأبصر الختم ثم فكه بنفسه، أو أمر أمينه به، ولا يزال يفعل ذلك حتى يتم الأسبوع، فإذا كان العمل كثيرًا أو قد استجمعت كتب كثيرة شدها [١٧٣/ ب] وعزلها وكتب عليها: كتبت أسبوع كذا، أو خصومة أسبوع كذا في شهر كذا من سنة كذا، فإذا مضت السنة جمعها كلها في موضع واحدٍ وشدها وكتب عليها: كتبت سنة كذا، أو خصومة سنة كذا، لتكون كتب كل سنةٍ وكل شهرٍ مفردة، فإذا احتاج إليه سهل طلبه والوصول إليه، فلا يذهب وقته ولا يتقاعد عن الاجتهاد في الأحكام.
وقال بعض أصحابنا: إذا كان السجل في الإقرار فلا يكتب فأقر به في مجلس حكمي؛ لأن الإقرار يصح من غير مجلس الحكم، وإذا كان بالبينة يكتب: وذلك في مجلس حكمه وقضائه؛ لأن البينة لا تُسمع إلا في مجلس الحكم، ويكتب الحاكم في محضر الإقرار علامته على رأسه الحمد لله رب العالمين ونحو ذلك، ويكتب في آخر المحضر عند سماع الشهادة: شهدا عندي بذلك، وفي أعلى المحضر علامته على ما ذكرنا.