للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجارية المرهونة إذا ادعى الراهن أنه وطئها بإذن المرتهن وأنكره المرتهن ونكلا عن اليمين هل تحلف الجارية؟ قولان:

فإذا قلنا: يوقف فبلغ، فإن حلف يلحق به إلا أن ينفيه باللعان، وإن لم يحلف كان منفيًا عنه بلا لعان، وإن عرف لها زوج وأتت به لوقت يمكن أن يكون من الأول ويمكن أن يكون من الثاني بأن تضعه لأربع سنين فما دونه من طلاق الأول ولستة أشهر فصاعدًا من عقد الثاني ولم تقر باقتضاء العدة يرى القافة فإن ألحقه بالأول انتفي عن الثاني بلا لعان. وإن ألحقوه بالثاني لحق به ولا ينتفي عنه إلا باللعان، وإن لم يكن قافة وقف إلى زمان الانتساب وفيه قولان:

أحدهما: إلى استكمال سبع سنين اعتبارًا لحالة التخيير بين الأبوين.

والثاني: إلى البلوغ اعتبارًا بأن يكون لقوله حكم. فإن انتسب إلى الثاني لم ينتف عنه إلا باللعان، وإن قال: أردت أنها لم تلده وإنما التقطته أو استعادته فإن صدقته أو كذبته، كان الحكم على ما ذكرناه من أن القول قوله مع يمينه وعليها البينة أنها ولدته، فإن لم يكن بينة [ق ٣ أ] حلف ولم يلحق به الولد، وليس للولد بعد بلوغه تحديد الخصومة والاستلحاق.

قال أصحابنا: وصورة يمينه أنها ما ولدته. وقيل: قياس المذهب أن يحلف أنه لا يعلم أنها ولدته لأنه يمين على نفي فعل الغير، وإن نكل عن اليمين حلفت أنها ولدته ولا يحتاج أن تحلف أنه منه، فإن حلفت ثبتت الولادة ولحق الولد به الفراش إلا أن ينفيه باللعان، فإن نكل عن اليمين هل يتوقف إلى أن يبلغ الولد؟ وجهان على ما ذكرنا، وكلامه ههنا يدل على أنه لا يتوقف وإن كان هناك قافة هل يرجع إليها في إلحاقه بها إذا لم يكن لها بينة على الولادة؟ وجهان:

أحدهما: يرجع إليها فإن ألحقوه بها صار كالبينة على ولادتها فلحق به إلا أن ينفيه باللعان.

والثاني: لا يرجع إلى القافة في ذلك؛ لأن الولد من جهة الأم يمكن أن يعلم قطعًا ويقينًا فلا يجوز استعمال الاستدلال، وعليه الظن فيه بخلاف الأب يلحق به بقول القافة، لأن إلحاق الولد بالأب أبدًا بالاستدلال ثم إذا كان إلحاقه بالزوج بكل حالٍ يلحق بالأم وحدها لاعترافها بولادته؟ ينبني على دعوى المرأة وفيها ثلاثة أوجه ذكرناها، ولا يتصور في مسألتنا إلا وجهان؛ لأن لها زوجًا والمنصوص في كتاب التقاط في المنبوذ أنه لا يلحق بها لأن من لحوقه بها إلحاق بزوجها.

فإن قيل: أليس الأصول منهية على أنه لا يحلف شخص لحق شخص آخر، وإنما يحلف الرجل لحق نفسه ولهذا لم تستحلف الوكلاء والأوصياء والقوام، فلم أحلفتم الأم لإثبات نسب الولد، وهذه يمين شخص في حق شخص؟

<<  <  ج: ص:  >  >>