للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: حقيقة يمينها راجعة إلى ولادتها على فراشه، ثم إذا ثبت ولادتها على فراشه ترتب النسب على الولادة، ألا ترى أن النسب لا يثبت بشهادة النساء لكن إذا [ق ٣ ب] شهدت أربع نسوة على أنها ولدت على فراشه تثبت الولادة بشهادتين، ثم يترتب النسب على الولادة، فإن قيل: قد قلتم في "كتاب الطلاق" يقبل قول المرأة على زوجها في الحيض، وفي الولادة أيضًا على أحد الوجهين وقلتم ههنا لا يقبل قولها إلى بينةٍ قولًا واحدًا فما الفرق؟ قيل: الفرق أن ههنا تتعلق دعواها لحق ثالث وهو الولد وإلحاق نسبه فلم يقبل إذا اختلفا إلا ببينة، ولهذا قلنا: لا يقبل قولها في الحيض فيما يتعلق بحق ضرتها إذا قال: إن حضت فأنت طالق وضرتك، فقالت: قد حضت وكذبها يقع الطلاق عليها دون ضرتها، وهناك لا يتعلق بحق ثالث فافترقا.

قال القفال: فإن قال قائل: قال الشافعي في امرأة أتت بولد بعد البينونة لأكثر من أربع سنين وادعت أن الزوج راجعها أو وطئها بشبهة فالولد منه، فالقول قوله أنه لم يراجعها ولم يطأها، فإن نكل لم تحلف المرأة ههنا فما الفرق؟ قلنا: من أصحابنا من جعل المسائل كلها على قولين هل ترد اليمين عليها أم لا؟ ومنهم من فصل بأنه في مسألة دعوى الاستعادة أو كون الولد من زوج قبله لنقصان المدة فراشًا قائمًا في الحال فيحلف على ثبوت النسب بعد وجود سببه، وفي دعواها وطئ شبهة الفراش مرتفع في الظاهر، وإنما تدعي سببًا حادثًا من رجعةٍ أو طئ شبهةً فلا يقبل قولها. قال القفال: وعندي مسألة دعوى نقصان المدة كمسألة دعواها المراجهة وهو ينكر أنها باتت به على فراشه.

فأما مسألة دعوى الاستعادة فتحالفها لما ذكرناه، ولو قال: أنا عقيم، وهي عقيمة وليس الولد مني، قيل له: هذا ظن. وهكذا لو قال: هي عاقر [ق ٤ أ] لأنه يجوز أن تلد العاقر ويولد للعقيم، وهذا نبي الله تعالى زكريا صلى الله عليه وسلم قال: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ} [مريم: ٨] وقد بلغني الكبر {وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا} [مريم: ٨] فأجابه الله تعالى: {قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ} [مريم: ٩] فجاءها الولد بعد اليأس فإذا صدقها على الولادة لا ينتفي عنه بهذا القول إلا أن ينسبه إلى وطئ رجل على فراشه مما يجوز أن يلاعن عليه فينتفي عنه بلعانه.

مسألة:

قَالَ: "وَلَوْ قَالَ لَهَا: مَا هَذَا الحَمْلُ مِنِّي وَلَيْسَتْ بِزَانِيَةً وَلَمْ أُصِبْهَا" قِيلَ: "قَدْ تُخْطِئُ فَلَا يَكُونُ حَمْلًا فَيَكُونَ صَادِقًا وَهِيَ غَيْرُ زَانِيَةٍ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ".

الفصل:

إذا قال لها: هذا الحل ليس مني ولست بزانية ولم أصبك قلنا له: يجوز أن يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>