ريحًا فسفس فلا يكون حملًا فتكون أنت صادقًا في قولك وتتربص حتى تستيقن أنه حمل، فإذا استيقنه الولادة قلنا له: يجوز أن يكون قد أخذت واستدخلتها فحملت منك فتكون صادقًا في قولك ما وطئتها ويكون الولد منك وإن لم يقل ذلك وأصر على نفيه.
قال الشافعي ههنا: قلت له: إن قذفت لاعنت. وظاهر هذا يدل على أنه لا يصح اللعان حتى يتقدمه قذف، وقال بعد هذا: وإن قذفها لاعنها، وقال أيضًا: وإنما أوجب الله تعالى اللعان بالقذف فلا يجب بغيره. وهذا أيضًا يدل على أنه يلاعن إذا قدم القذف وإلا فلا يلاعن، وقال بعده: ولو قال: لم تزن هي ولكنها عصت لم تنفِ عنه إلا باللعان. فأجاز اللعان من غير قذف.
وبيان المذهب فيه أنه مسائل:
أحدها: إذا قال: ما هذا الحمل مني وليست هي بزانية فهذا لا يلاعن بهذا القدر من الكلام؛ لأن الولد يلحق به بالفراش، فإذا قال:[ق ٤ ب] ليس مني لم يقبل منه حتى ينسبه إلى وطئ غيره لا يلحق بوطئ نسب.
والثانية: أن يقول له: ما هذا الولد مني هو ولد زنى من فلان بعينه، فهذا يلاعن قولًا واحدًا، ومثل هذا كانت قضية هلال بن أُمية.
والثالثة: أن يقول: هو ولد زنى ولم يقل من فلان بعينه فله اللعان أيضًا، ومثل هذا كانت قضية العجلاني.
والرابعة: أن يقول: ما هذا الولد مني وإنما هو من فلان وطئها بشبهة بأن وجدها على فراشه فظنها زوجته وهي ظنت أنه زوجها، لا يكون قاذفًا لهما ولا يجب الحد، فإن كان حملًا لا يلاعن لجواز أن يكون ريحًا على ما ذكرنا.
فإن وضعته، قال أبو حامد، وجماعة: لا يلاعن قولًا واحدًا؛ لأنه وطئ شبهة يجوز لحوق الولد به إن ألحقته القافةَ به فينتفي عنه بغير لعان، وإذا أمكن نفي النسب بغير لعان لم يجز أن يلاعن لنفيه لولد الأمةَ لما جاز أن ينتفي بدعوى الاستبراء لم يلاعن، وهذا لا يصح لأنه يجوز أن ينكر فلان المرمى به الوطء فلا يلحقه الولد، ولو أقر بالوطئ يجوز أن لا تلحقه القافةَ به، والصحيح أن يقال: ينظر فإن أقرّ فلان بوطئها وصدقه على ما قال، فلا لعان، وتدعى له القافة، فإن ألحقوه بالمرمى بوطئها انتفي عن الزوج بلا لعان، وإن ألحقوه بالزوج اضطر إلى نفيه باللعان، وهل يجوز لعانه منه بغير قذف؟ قولان:
أحدهما: وهو الأصح، وبه قال أبو إسحاق يصح، لأن هذا الوطء مفسدة لفراسه كالزنى فكان له اللعان، ولأنه إذا اعترف أنهما لم يزنيا لا يجوز أن يكذب عليهما في رميهما بالزنى، فعلى هذا يقول في لعانه: أشهد بالله، أني لمن الصادقين فيما رميتها به